تأييد وانتقادات لقرار منع توريد السيارات الغارقة والمصدومة إلى كردستان الداخلية: القرار سيقلل من حوادث السير
الاهالي ريبورت
كثيرة هي الأسباب التي تقف وراء حوادث السير والاصطدامات التي تشهدها شوارع اقليم كردستان والتي توقع مئات القتلى وآلاف الجرحى سنويا، فمنها ما هو ناجم عن عدم الالتزام بالسرعة المقررة ومنها ما يحدث نتيجة لعدم توفر وسائل المتانة والأمان في السيارات المستوردة، فضلاً عن انشغال بعض السائقين باستخدام هواتفهم المحمولة او القيادة تحت تأثير المشروبات الكحولية.
ويرى مواطنون أن قرار وزارة الداخلية القاضي بمنع استيراد السيارات “الغارقة والمصدومة” لعدم توفر شروط السلامة والمتانة فيها، سيسهم في خفض معدلات الحوادث المرورية، بينما يقول تجار السيارات أن القرار سيتسبب في خسائر مادية كبيرة لهم وفي ارتفاع متوسط اسعار السيارات نتيجة لنقص المعروض منها.
انتقادات للقرار
ورفضت وزارة داخلية اقليم كردستان التريث في تنفيذ قرار حظر استيراد السيارات الغارقة والمصدومة الى اراضي الاقليم والذي دخل حيز التنفيذ في بداية شهر تموز الجاري، في وقت سيخسر العشرات من المستوردين الصغار للسيارات اعمالهم، كونهم كانوا يؤمنون دخل عوائلهم من خلال شراء السيارات المصدومة من الامارات بعد تصليحها ومعالجة مشاكلها وتبديل الأجزاء المتضررة منها.
وكان عدد من التجار في معارض السيارات في العاصمة اربيل قد طالبوا يوم الاربعاء وزارة الداخلية في حكومة اقليم كردستان بإعادة النظر بقرارها في منع دخول السيارات المصدومة والغارقة التي يتم استيرادها من الولايات المتحدة الامريكية والامارات، داعين الى تأجيل العمل بالقرار لمدة شهرين على اقل تقدير لانهم قد اشتروا عددا كبيرا من تلك السيارات قبل صدور القرار وهي في الطريق الى الاقليم .
يشار الى ان وزارة الداخلية في الاقليم قد اصدرت قرارا في شهر حزيران الماضي يقضي بمنع استيراد السيارات الغارقة والمصدومة، محذرة شركات الاستيراد بغرامة مالية قدرها 50 مليون دينار عراقي في حال مخالفتها للقرار.
500 حادث سير في اربيل
ويقول مسؤولون في وزارة الداخلية ان قرار منع استيراد تلك السيارات جاء لحماية حياة المواطنين عبر الحد من الحوادث مع استمرار المعدلات المرتفعة لحوادث السيارات في الاقليم.
وكانت مديرية المرور العامة بأربيل قد أعلنت عن تسجيلها أكثر من 500 حادث سير توفي واصيب على إثرها ما لا يقل عن 620 شخصا خلال النصف الاول من العام الحالي.
وقال المتحدث باسم المديرية فاضل حاجي في مؤتمر صحفي عقده يوم الجمعة الماضي، انه خلال الاشهر الستة الاولى من عام 2019 تم تسجيل 523 حادث سير والذي نجم عنها 620 ضحية، مبينا أن 85 شخصا لقوا حتفهم بينما اصيب 535 شخصا من كلا الجنسين بجروح.
وكانت اربيل قد سجلت في النصف الاول من العام الماضي 602 حادث سير، لقي على أثرها 92 شخصا مصرعه واصيب 541 آخرون.
وتلك الأرقام تظهر ان معدلات الحوادث والوفيات ماتزال مرتفعة، وان المعدلات المسجلة في العام الحالي قريبة من تلك المسجلة في العام الماضي رغم كل الاجراءات المروية التي فرضت خلال الفترة الأخيرة ورغم العقوبات والغرامات المتعلقة بتجاوز السرعة ما يعكس استمرار المشكلة.
حواث السليمانية ودهوك
وفي السليمانية ذكرت مديرية مرور المحافظة ان الأشهر الستة الاولى شهد تسجيل 540 حادث مروري، ادت الى وفاة 75 شخصا، بينهم 58 ذكور و17 اناث.
وقال کاروان محمد المتحدث باسم المديرية، ان العام الحالي سجل 540 حادثا مقارنة بـ 529 حادثا في الأشهر الستة الاولى من العام الماضي.
وتوفى واصيب ما لا يقل عن 547 شخصا بحوادث سير في محافظة دهوك خلال النصف الاول من العام الحالي، بحسب احصائية رسمية صادرة عن مديرية المرور العام في دهوك.
وذكرت الاحصائية ان الاشهر الستة الاولى من عام 2019 شهد تسجيل 427 حادث سير في المحافظة لقي على اثرها 45 شخصا حتفهم، فيما اصيب 502 شخصا بجروح مختلفة.
وفي منطقة سوران التابعة لأربيل، ذكرت مديرية شرطة مرور المنطقة ان النصف الاول من العام الجاري شهد عشرات الحوادث قتل على اثرها ستة أشخاص وجرح 63 شخصا، مبينة ان السرعة الزائد وعدم الالتزام بالتعليمات المرورية من اهم اسباب الحوادث المرورية.
وفي الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام 2018 سجل 1577 حادثاً مرورياً وتوفي 235 شخصاً وجرح 2508 أشخاص، وفق ارقام رسمية.
السرعة وعدم الالتزام بالضوابط
يقول المواطن فاتح ميراني لـ (الاهالي ريبورت) إن “معظم الحوادث التي تقع في شوارع أربيل سببها السرعة المفرطة وانشغال السائق بهاتفه المحمول اثناء القيادة، فضلاً عن عدم التزام بعض سائقي المركبات بالسير في جانب واحد من الطريق والقيادة بشكل متعرج وفوضوي بين السيارات الأخرى على الرغم من وجود خطوط مرسمة على الشوارع الغاية منها التزام السائقين بالسير بشكل مستقيم لتجنب الإرباك والخطورة التي قد تحصل نتيجة القيادة بشكل متعرج”.
وأوضح ميراني أن “عدم تحديد أوقات معينة لمرور وسير الشاحنات وسيارات الحمل داخل المدن كما هو معمول به في العديد من دول العالم، يسبّب العديد من الاختناقات المرورية خلال ساعات الذروة لأن سائقي الشاحنات يستغلون حجم مركباتهم في مزاحمة السيارات الأصغر حجماً ولا يلتزمون بالسير في جانب واحد من الطريق”.
وتابع أن “أحد أقاربي يعيش في دولة أوروبية جاء لزيارة أربيل قبل عدة أسابيع وكان مصدوماً بطريقة قيادة السيارات في المدينة وخاصة سيارات الأجرة والحمل التي تنشر الرعب على جانبي الطريق وتجعل من السياقة في شوارع أربيل وسيلة سريعة للموت سواءً لمن يقود سيارته أو بالنسبة للمشاة الذين يرومون عبور الشارع”.
تأييد لقرار الداخلية
وأبدى ميراني تأييده لقرار وزارة داخلية إقليم كردستان بمنع استيراد السيارات المستعملة والغارقة والتي تعرضت لأضرار كبيرة نتيجة لاصطدامها بشكل يؤثر على مواصفات السلامة والمتانة.
وقال ان القرار “سيسهم بشكل كبير في الحد من الحوادث المرورية وأعداد الضحايا لأن السيارات التي لا تتوفر فيها شروط المتانة والأمان تكون معرضة للحوادث بشكل أكبر من غيرها، إلا أن القرار في الوقت ذاته قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات في كردستان”.
ودعا الجهات الرسمية إلى “ضرورة الحيلولة دون إطلاق العنان للتجار المتضررين من القرار لرفع الأسعار بشكل كبير مما سيضر بالمواطن البسيط الذي يفكر في شراء سيارة متوسطة الجودة باسعار معقولة”.
ويقول اسماعيل علي، الذي يتاجر منذ بداية العام الحالي بشراء السيارات المستعملة والتي تعرضت لحوادث من الامارات وبيعها في اقليم كردستان، ان القرار لا يلحق الضرر بهم فقط بل بالمواطنين فهو لا يراعي اوضاع الطبقة المتوسطة الذين يشترون سيارات اوربية مستعملة بمبالغ تترواح بين 10 الى 15 الف دولار.
محدودي الدخل سيتأثرون
واوضح لـ(الاهالي ريبورت) ان “آلاف من متوسطي الدخل يشترون تلك السيارات، وهي لا تعاني من مشاكل بل ان الكثير منها اكثر متانة من السيارات الحديثة المستوردة من مناشيء اسيوية، كون السيارات المستعملة قادمة من مناشيء امريكية واوربية، وبعد معالجة بعض مشاكلها البسيطة وتغيير اجزائها المتضررة في الامارات تصبح متينة وصالحة تماما للاستخدام في الأجواء العراقية”.
ويتابع:”كنت كل شهرين اتوجه الى الامارات واشتري بين 10 الى 20 سيارة لنفسي ولزبائن يتم الاتفاق معهم مسبقا بشأن السيارات التي يردونها، وكنت اعاود بيعها في العراق بهامش ربح بين الف الى ثلاثة آلاف دولار”، مبينا ان عملهم لم يكن سهلا فتصليح السيارات وتغيير الهياكل والاجزاء المتضررة منها أمر شاق “يتطلب عدة ايام واحيانا اسابيع من العمل والمتابعة لتكون السيارات جاهزة تماما”.
ورفضت وزارة داخلية اقليم كردستان التماساً تقدم به عدد من تجار السيارات من أجل التريث بقرار حظر استيراد السيارات الغارقة والمصدومة الى اراضي الاقليم والذي دخل حيز التنفيذ مطلع شهر تموز الجاري. وقال المدير العام لديوان وزارة داخلية الاقليم سامي جلال معلقا على قرار حظر الاستيراد ان “القرار باقٍ كما هو ولم يطرأ عليه اي تغيير.. والوزارة لا تنوي اجراء اي تعديل عليه” فقد سبق ان تم تنبيه التجار بوقف استيراد تلك السيارات.
ويرى عاملون في معارض بيع السيارات وتسويقها في الاقليم، ان قرار وزارة الداخلية يأتي في خدمة الشركات الكبيرة التي تسيطر على سوق شراء السيارات الحديثة، فيما المتضررون هم صغار التجار الذين كانوا يقومون بتأمين دخل عوائلهم من خلال تلك التجارة.
ويقول زياد عبدي “القرارات دائما تاتي في صالح الشركات الكبيرة التي تستورد السيارات الحديثة، ونحن نتضرر، كل ما نريده الآن هو التريث في التنفيذ لفترة مقبولة لكي لا نخسر… مسوقي السيارات الحديثة يعرفون ان الطلب على السيارات المستعملة المصدومة ف يالكثير من المعارض اكبر من الطلب على سياراتهم!”.
التريث هو الحل
المواطن سلام متي الذي يعمل في تجارة السيارات في أربيل، قال لـ (الاهالي ريبورت) إن “من المؤسف عدم التريّث في قرار منع استيراد السيارات لأن ذلك سيؤدي إلى خسائر مادية كبيرة لتجار السيارات ولا يمكن تعويضها بسهولة إلا من خلال رفع أسعار السيارات في السوق بشكل كبير الأمر الذي سيثقل كاهل المواطن البسيط الراغب باقتناء سيارة متوسطة السعر وذات جودة جيدة”.
وأضاف متي أنه “في حالة موافقة وزارة الداخلية على التريث في الشروع بتنفيذ القرار لمدة زمنية معينة تكفي لتصريف السيارات التي تعاقد عليها التجار فعلياً وقاموا بشرائها قبل صدور القرار، فان ذلك سيساهم في تخفيف الخسائر المادية المترتبة على القرار بشكل كبير وسيؤدي في الوقت ذاته إلى استقرار السوق وتجنب زيادة الأسعار”.
وكانت وزارة الداخلية في الاقليم قد اصدرت قرارا في شهر حزيران الماضي يقضي بمنع استيراد السيارات الغارقة والمصدومة من الخارج في اجراء للحد من الحوادث المرورية وبالتالي من عدد ضحايا تلك الحوادث، متوعدة شركات الاستيراد بغرامة مالية قدرها 50 مليون دينار عراقي في حال مخالفتها ذلك القرار.
وتعتبر الحوادث المرورية السبب الثاني للوفاة في إقليم كردستان، في ظل حاجة كل عائلة الى سيارة او اكثر نتيجة الغياب شبه الكامل لوسائل النقل العام، حيث تبين إحصائيات المديرية العامة للمرور في إقليم كردستان أن أكثر من عشرة آلاف شخص قضوا خلال خمسة عشر عاماً بسبب حوادث السير، إلى جانب تعرض أكثر من عشرة آلاف آخرين باصابات خطرة وتعرض حوالي 400 منهم للإعاقة.
وتشير إحصائيات المديرية العامة للمرور في إقليم كردستان، الى وجود أكثر من 1.469.000 سيارة في الاقليم حتى نهاية 2017، عدا السيارات العسكرية التي لم تحتسب ضمن هذه الإحصائيات.