2024-11-28

الهزارة الشيعة في باكستان يعيشون في “معازل” خوفا من اعتداءات

1

أ ف ب: في جنوب غرب باكستان، تجد أقلية الهزارة الشيعية التي تضم آلاف الأشخاص نفسها مضطرة للعيش في “معازل” تخضع لإجراءات أمنية مشددة خوفا من اعتداءات، بينما تبدو السلطات عاجزة عن حمايتها.
وأسفر آخر هجوم وقع في 12 نيسان/ابريل عن سقوط 21 قتيلا و47 جريحا معظمهم من التجار الهزارة الذين جاؤوا يتمونون من سوق في مدينة كويتا يخضع لحماية القوات الخاصة الباكستانية.
ولم تتمكن هذه القوات من منع الانتحاري من تفجير نفسه. ويستهدف المتطرفون السنة هذه الطائفة التي تقول أنها تعيش في حالة من الخوف الدائم.
وهذا الهجوم الذي تبناه تنظيم الدولة الاسلامية وكذلك جماعة عسكر جنقوي المحلية المسلحة، ليس سوى آخر حلقة في سلسلة طويلة من أعمال العنف التي استهدفت هذه الأقلية التي باتت تعيش في جيوب تخضع لإجراءات أمنية مشددة.
وفي كويتا التي يبلغ عدد سكانها 2,3 مليون نسمة، يعيش حوالى 500 ألف من الهزارة في ماري آباد وهزارة تاون وهما حيان تحيط بهما عشر نقاط تفتيش ويحميهما 600 من أفراد قوات الأمن، حسبما ذكر أحد كوادر حكومة بلوشستان.
وهذه المنطقة الشاسعة الواقعة على الحدود مع إيران وأفغانستان وعاصمة كويتا، هي أكثر أقاليم باكستان اضطرابا، وتختبئ مجموعات مسلحة متطرفة وانفصالية في صحاريها وجبالها.
ولدخول هذه الجيوب، ينبغي على غير الهزارة إبراز وثيقة هوية. ويشكو الهزارة الذين يخشون الخروج من هذه المناطق من أنهم يعيشون في عزلة تامة.

– “سجن” –

قال بستان علي وهو ناشط من الهزارة “هنا المكان أشبه بسجن”. وأضاف أن الهزارة “المقطوعين عن بقية أنحاء المدينة” و”المحصورين (….) يعانون من تعذيب نفسي”.

ويشكل الهزارة جزءا كبيرا من الطائفة الشيعية في باكستان التي تشكل خمس سكان هذا البلد البالغ عددهم 207 ملايين نسمة معظمهم من السنة.

واستُهدف الهزارة الذين يسهل التعرف عليهم من ملامحهم الآسيوية ما يجعلهم أهدافا سهلة للمتطرفين السنة، بعشرات الهجمات منذ 2001 في باكستان كما في أفغانستان المجاورة.

وفي السنوات الخمس الأخيرة، قتل 500 منهم وجرح 627 آخرون في كويتا، حسب مسؤول باكستاني في قوات الأمن. ويقدر عبد الخالق هزارة الذين يقود حزبا للهزارة عدد الذين قتلوا في بلوشستان بما بين 1500 وألفين.

وقال محمد أمان الأستاذ الذي يعيش في هزارة تاون لوكالة فرانس برس، إن أكثر من ثلاثين شخصا قتلوا على مقطع طريق يمتد ثلاثة كيلومترات بين ماري آباد وهزارة تاون في نحو عشرة هجمات على الرغم من وجود ثلاث نقاط تفتيش.

ولم يتمكن مصدر رسمي من تأكيد عدد الهجمات والضحايا على هذا الطريق، لفرانس برس.

وأوضح الطالب نوروز علي أنه عند الخروج من مناطق الهزارة “نعرف أننا نمر في منطقة حرب (…) يمكن أن يحدث فيها أي شيء”. وأضاف “لكن علينا أن نؤمن لقمة العيش لعائلاتنا”.

وفي مواجهة اتهامات بعدم فاعليتها، تؤكد الشرطة أنها “اتخذت كل الإجراءات لضمان أمن” الهزارة. وقال الضابط عبد الرزاق شيما إن “عدد أفراد الشرطة الذين قتلوا في السنوات الست الأخيرة أكبر من عدد الهزارة”.

وأضاف أنه تم توقيف عدد من الإرهابيين وتصفية عدد آخر “لكن مجموعات جديدة تشكلت من جديد، نحاول العثور عليها والقضاء على لتهديد”.

– “لا يمكنكم الإفلات” –

تتضمن التدابير الأمنية إجراءات عديدة. فبعد اعتداءات استهدفتهم، تم تزويد تجار الفاكهة والخضار بمواكبة أمنية عندما يتوجهون إلى سوق كويتا الرئيسي للتبضع.

وعلى الرغم من ذلك، أدى هجوم انتحاري إلى سقوط 21 قتيلا و 47 جريحا في 12 نيسان/ابريل.

وقال البريغادير تصور أحمد قائد وحدات الحدود التابعة للقوات الخاصة الباكستانية إن الحكومة تريد وضع كاميرات مراقبة في هذا السوق وحتى “في بلدات التجار الهزارة”.

لكن الهزارة يشككون في جدوى هذه الإجراءات.

وكتب البروفسور محمد أمان في افتتاحية في صحيفة “دون” اليومية مؤخرا “إذا كانت ثلاث نقاط تفتيش في ثلاثة كيلومترات لا يمكن أن تحمينا، فهل ستقدم المواكبات والحواجز ومراقبة الكاميرات نتيجة أفضل؟”.

وأضاف “يبدو أن الإرهابيين يكسبون هذه الحرب”، مشيرا إلى أن “رسالتهم واضحة: اذهبوا إلى الجامعة أو إلى السوق أو إلى مدينة أخرى وسنقتلكم (…) وإذا كنتم محميين فسنضع قنابل في أكياس للبطاطس او على حافة الطرق. لا يمكنك الإفلات”.

وحتى الجيوب التي يقيمون فيها ليست آمنة وأسفر اعتداءات فيها عن سقوط مئتي قتيل في 2013.

ويؤكد حزب الهزارة الديموقراطي أن ما بين 75 ألفا ومئة ألف من الهزارة فروا في داخل البلاد أو إلى الخارج منذ تفجر العنف في السنوات الأخيرة.

وقال طاهر هزارة “لا أمل لدينا”. وقام الرجل المقيم في حي هزارة تاون الذي يقول أنه أشبه ب”المعازل”، باعتصام استمر عدة أيام بعد الاعتداء الأخير. وتساءل “ممن علينا أن ننتظر الحماية لإنقاذ حياتنا؟”.