بطلب من أوجلان.. المعتقلون الكرد في تركيا ينهون اضرابا عن الطعام امتد لأشهر
الأهالي ريبورت:
أنهى آلاف المعتقلين السياسيين الكرد في السجون التركية، حركة اضراب عن الطعام امتدت لأشهر، نزولا عند طلب الزعيم الكردي عبد الله اوجلان، وبعد تلبية جزء من مطالبهم التي كان على رأسها رفع الحظر عن اوجلان وتمكين محاميه وعائلته من لقائه بعد ثماني سنوات من المنع.
واوجلان كان يرأس حزب العمال الكردستاني الذي قاد حركة مسلحة منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي قاتلت الحكومات التركية لاجبارها على الاعتراف بالحقوق الثقافية والسياسية للشعب الكردي في تركيا، كما قاد عمليات تفاوض معقدة قبل ان يعتقل في العام 1999 ويحجز في سجن انفرادي اطلق منه مبادرات سلام وعمليات تفاوض متقطعة (بين الاعوام 2010 و2015) مع حكومة العدالة والتنمية للتوصل الى سلام دائم لكنها فشلت.
وذكر بيان صحفي نقلته وكالة اخبارية مقربة من حزب العمال الكردستاني، ان المعتقلين المضربين عن الطعام في السجون التركية قرروا “وقف اضرابات الجوع بطلب من اوجلان”.
وكان اوجلان قال مخاطبا المضربين عن الطعام، بحسب نص قرأته محاميته نوروز اويسال، التي زارت اوجلان مرتين خلال هذا الشهر: “اتوقع ان توقفوا تحرككم… هدفكم في ما يخصني تحقق واريد أن اعبر لكم عن ودي وامتناني”، وفق ما نقلته فرانس برس.
وتمكن المحاميَين نوروز أويسال وريزان ساريكا، من التوجه إلى إيمرالي في بحر مرمرة، يوم الأربعاء الماضي. وسبق أن سمح للمحامين برؤية موكلهم في 2 أيار
ثماني سنوات من الحظر
وكان محامو اوجلان قد فشلوا في لقائه منذ العام 2011، رغم الطلبات المتكررة التي قدموها بشكل شبه اسبوعي، كما فشلت عائلته طوال سنوات في لقائه قبل ان تتمكن من ذلك ولمرة واحدة قبل فترة قصيرة. وهو ما دفع آلاف المعتقلين السياسيين الكرد، وبينهم نواب بارزون في البرلمان التركي ونشطاء معروفون الى بدء حركة اضراب عن الطعام هددت حياة العديد منهم وعلى رأسهم النائبة ليلى كوفن التي تجاوزت مدة اضرابها على الطعام الـ 200 يوم، وهي تعيش على السوائل في وضع صحي خطر.
وبحسب المحامية اويسال، فان اوجلان شدد خلال لقائها به على “وجوب انهاء اضرابات الجوع بعد ان حققت هدفها”.
وجاء هذا الاعلان بعد الغاء وزارة العدل التركية حظر السلطات على المحامين مقابلة موكلهم اوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني منذ 2011.
ويرى مراقبون اتراك، ان الغاء الحظر على اللقاء باوجلان، لم يأتي فقط تحت تأثير ضغط المضربين عن الطعام، بل ايضا تحت ضغط انتخابات اسطنبول التي تعد اصوات الكرد حاسمة في ترجيح كفة مرشح حزب العدالة والتنمية بنالي يلدريم او مرشح حزب الشعب الجمهوري اكرم امام اوغلو. ويأمل حزب العدالة استمالة اصوات بعض الناخبين الكرد عبر اطلاق وعود واشارات بمراجعة السياسة الحالية المتبعة ضد المواطنين الكرد.
وستعاد الانتخابات البلدية الخاصة بمدينة اسطنبول في 23 حزيران، بعد إلغاء النتائج السابقة التي فاز فيها مرشح المعارضة في نهاية آذار.
وعود متكررة بالقضاء على العمال
وتعتبر سلطات انقرة وحلفائها الغربيين، حزب العمال الكردستاني منظمة “ارهابية”. ويهاجم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بشكل مستمر حزب العمال الكردستاني ويعتبر حزب الشعوب الديمقراطي الممثل للكرد في البرلمان التركي (ثالث اكبر الاحزاب التركية) مواليا لحزب العمال، وهي تهمة قادت المئات من كوادر حزب الشعوب الى السجون بتهمة دعم الارهاب وبينهم زعيم الحزب صلاح الدين دميرتاش والعديد من النواب المنتخبين.
وتوعد اردوغان طوال سنوات بالقضاء على حزب العمال، واطلق العشرات من العمليات العسكرية في داخل تركيا وخارجها لتدمير الحزب الذي يواصل هجماته اليومية على الثكنات العسكرية التركية على الحدود وفي العمق التركي دون توقف.
وبحسب حزب الشعوب الديمقراطي فان نحو ثلاثة آلاف سجين يخوضون اضرابا عن الطعام انضم معظمهم الى التحرك في الاشهر الاخيرة تضامنا مع النائب الكردية ليلى كوفن التي ترفض الغذاء منذ تشرين الثاني 2018 للاحتجاج على العزل المفروض على اوجلان.
ويمتنع المضربون عن تناول الاطعمة الصلبة ويكتفون بمحاليل مملحة او محلاة، فيما يخوض ثلاثون منهم اضرابا أقسى عن الطعام ولا يتناولون الا ماء محلى او مالح. وبحسب حزب الشعوب الديمقراطي فان ثمانية منهم قضوا انتحارا في السجون منذ بداية التحرك.
ويطالبون المضربون عن الطعام بتحسين ظروف الاعتقال في السجون وتحقيق العدالة وانهاء “حالة الحرب” ضد الكرد وسياسييهم ونشطائهم.
وكان اثنان من محامي اوجلان تمكنا من زيارته للمرة الاولى في الثاني من ايارفي سجن جزيرة ايمرالي في بحر مرمرة قرب اسطنبول، ثم تمكنا أيضا من زيارته الاربعاء الماضي بعد رفع الحظر رسميا الاسبوع الماضي.
ورغم العزلة شبه التامة التي فرضتها السلطات التركية عليه، يبقى اوجلان القائد الاساسي للناشطين الاكراد في تركيا والمؤثر الاكبر في توجيه قرارات حزب العمال بالحرب والسلم، حيث خلف النزاع المسلح بين السلطات والمقاتلين الكرد أكثر من 40 الف قتيل منذ 1984.
دور ايجابي في سوريا
وبحسب المحامية، شدد اوجلان على أن الغاء منعه من مقابلة محاميه، لا يعني بدء عملية تفاوض جديدة مع الحكومة، كما كان حدث عام 2013 قبل ان تنهار العملية في 2015.
وتابعت المحامية ان اوجلان يرى ان “تركيا بحاجة أساسا (…) لمفاوضات ديمقراطية وسلام مشرف”، وقال ان رد فعل السلطات سيتضح “في غضون 30 او 40 يوما”، دون مزيد من التفاصيل.
وفي ما بدا أنه محاولة لطمأنة الحكومة التركية القلقة من الطموحات الكردية في شمال سوريا حيث تسيطر فصائل كردية سورية قريبة ايديولوجيا وتنظيميا من حزب العمال الكردستاني على مناطق شاسعة، دعا أوجلان، خلال زيارة محاميه له في الثاني من ايار، إلى “مراعاة حساسيات” تركيا في سوريا.
وتعتبر الحكومة التركية، قوات سوريا الديمقراطية التي تحظى بدعم التحالف الدولي، وحدات موالية لحزب العمال الكردستاني، وانها “تشكل خطرا على أمن ووحدة تركيا كونها تعمل على اقامة كيان كردي سوري عند حدودها”. وتهدد تركيا باستمرار ومنذ سنوات بشن هجوم كبير على قوات سوريا الديمقراطية لطردها من شمال شرق سوريا.
وقالت المحامية انها خلال لقائهما هذا الاسبوع، جدد اوجلان موقفه بشأن القضية وقال أنه “لو توفرت له الفرصة فسيقوم بدور ايجابي” في سوريا حيث أنه مازال يحظى بنفوذ واسع بين الاكراد هناك.
وكان قد القي القبض على اوجلان في 15 شباط 1999 وحكم عليه بالاعدام في 29 حزيران 1999 بتهمة الخيانة ومحاولة تقسيم تركيا.لكن تم استبدال الحكم في 2002 الى السجن المؤبد وذلك بعد الغاء عقوبة الاعدام في تركيا.
س ن