دبلوماسيون ومستثمرون عرب وأجانب: كردستان بيئة ملائمة للاستثمار
الاهالي ريبورت/ عمر عادل
تواصل العديد من الشركات الإقليمية والعالمية سعيّها لإيجاد موطئ قدم لبدء استثماراتها الاقتصادية في إقليم كردستان من خلال الترويج لصناعاتها وخدماتها عبر معارض دولية شهدتها أربيل منذ مطلع العام الحالي والتي كان آخرها معرض أربيل الدولي للبناء والانشاءات، الذي استضافته عاصمة الاقليم الاسبوع الماضي بمشاركة 22 شركة سعودية.
وشهدت الأيام الماضية اجتماعاً بين رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني والقائم بالأعمال القطري في بغداد، أعرب خلاله بارزاني عن استعداد الاقليم لتعزيز العلاقات مع قطر واستقبال وفد تجاري قطري في كردستان لبحث الاستثمارات المستقبلية. حيث تهتم اربيل بشكل خاص بتعزيز الاستثمارات الخليجية في الاقليم.
ويرى خبراء في الاقتصاد أن هذه الخطوات ستكون بداية نهضة اقتصادية في كردستان بعد النهضة العمرانية، مشيرين الى دور الاستثمارات المتوقعة في توفير فرص العمل وتحسين المستوى المعيشي للمواطن البسيط.
وشاركت 22 شركة سعودية، تحت مظلة هيئة تنمية الصادرات السعودية، في معرض أربيل الدولي للبناء المختص في مجال البناء والتشييد والآلات والحجر الطبيعي لهذا العام، والذي استضافه اقليم كردستان بين 22 و25 نيسان إبريل 2019.
استثمارات سعودية مرتقبة
وذكرت صحيفة الجزيرة السعودية، ان المشاركة السعودية بالمعرض تأتي استكمالاً للدور الذي تسعى من خلاله «الصادرات السعودية» إلى دعم المصدرين، والترويج للمنتجات والخدمات السعودية، وزيادة الحصص السوقية لها في الأسواق العالمية ترجمة لرؤية المملكة 2030، وأهدافها الرامية إلى رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من إجمالي قيمة الناتج المحلي.
والمشاركة السعودية الأخيرة هي الثالثة بدءاً من معرض بغداد الدولي والمعرض الدولي السابع للنفط والغاز في عام 2017 ومن ثم معرض أربيل الدولي للبناء، والذي شاركت في دورته السابقة في عام 2016 أكثر من 300 شركة من 20 دولة حول العالم وبلغ عدد زواره أكثر من 21 ألف زائر.
وكان رئيس الغرف التجارية بالسعودية سامي العبيدي، قد قال في كلمة ألقاها أثناء انطلاق لقاء مشترك بين مجلس الغرف السعودية ورجال الأعمال السعوديين واتحاد غرف التجارة والصناعة لإقليم كردستان، أواخر شهر تموز الماضي، إن “المملكة ترغب بزيادة استثمارها في كردستان لأن هذا الإقليم يمتلك العديد من المقومات والميزات، ونعتبر ذلك هدفاً للقطاع الخاص السعودي ضمن رؤية المملكة 2030 في تنويع الاقتصاد”.
وأضاف العبيدي “كان لزاما علينا أن نبحث عن الفرص الاستثمارية المؤدية إلى معادلة ربحية وتحقيق ميزان تجاري بيننا وبين الآخرين ولعل من البعد الاستراتيجي لدينا كمستثمرين هو العراق الشقيق ممثلا في تكوين مجلس أعمال نشط جدا لا يدخر جهدا في تنمية الاستثمارات الاقتصادية بين البلدين”.
وتابع أن “ما يملكه إقليم كردستان من مقومات يجعلنا جادين في رفع مستوى الاستثمار هنا وتشكيل فرق عمل من ضمن مجلس الأعمال السعودي العراقي لجعل هذه الاستثمارات فاعلة على أرض الواقع قريباً”.
ترحيب بالاستثمارات الخليجية
في سياق متصل أعرب رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، عن رغبة حكومته في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دولة قطر، جاء ذلك خلال اجتماعه مع القائم بأعمال السفارة القطرية في بغداد حسين الفضالة، منتصف نيسان الجاري، وذكر بيان لحكومة الإقليم ان بارزاني “عرض نبذة عن أزمات السنوات الأخيرة وتجاوزها بنجاح، وخاصة فيما يتعلق بتطبيع علاقات أربيل – بغداد واتخاذ قرار بدء الحوار لحل المشاكل”.
من جانبه أكد الفضالة على “تعزيز العلاقات القطرية مع العراق وإقليم كردستان، وقيم عالياً دور إقليم كردستان في تجاوز الأزمات والحرب ضد الإرهاب واستقبال عدد كبير من النازحين واللاجئين”، مشيرا الى زيارة وفد من رجال الأعمال القطريين إلى إقليم كردستان للبحث في إنشاء فرص استثمارية.
ورحب نيجيرفان بارزاني بتلك الخطوة، مؤكداً دعم حكومة إقليم كردستان وتسهيلها لاستثمارات القطرية والخليجية في الاقليم.
البحث عن استثمارات عربية
كما يسعى الاقليم الى استقطاب الاستثمارات العربية عموما، ففي العاصمة الاردنية عمان نظم أواخر شهر آذار الماضي مؤتمر استثماري، برعاية رئيس وزراء اقليم كردستان وبحضور مسؤولين من هيئات محلية ودولية وكبار المسؤولين بحكومة الاقليم، الى جانب رجال الاعمال والمستثمرين وممثلي الشركات العربية والعالمية ومن مختلف انحاء العالم، اضافة الى وجود تمثيل وكالات التمويل الاقليمية والدولية.
المؤتمر الذي نظمته جمعية الصداقة الاردنية الكردستانية، بالتعاون مع حكومة الاقليم، انعقد تحت شعار “استثمر في المستقبل …. استثمر في كردستان” تخللته معارض للشركات لعرض منتجاتها وخدماتها على رجال الاعمال المشاركين من كردستان خاصة والعراق عامة.
رئيسة جمعية الصداقة الاردنية الكردستانية ميادة الصعوب، قالت في تصريح للصحفيين على هامش المؤتمر، إنهم يهدفون من خلال عقد المؤتمر الى “اطلاع القطاعات العربية والاقليمية والدولية الخاصة والحكومية على الافاق الاقتصادية لحكومة اقليم كردستان الجديدة ومناخ الاستثمار والفرص الجديدة المتاحة والمشاريع المنجزة في قطاعات النفط والغاز والطاقة والزراعة والمال والاعمال والقطاعين الصحي والامني وقطاعات التجارة والصناعة والتعليم والتربية والسياحة والنقل والمواصلات”.
الاستثمارات قادمة مع تراجع الأزمة المالية
ويرى الخبير الاقتصادي الكردستاني منذر الجاف، ان المعوقات والصعوبات في طريق الاستثمارات الاقتصادية باقليم كردستان ستؤول إلى الزوال مع تراجع الأزمة المالية في الإقليم وانحسار تأثيراتها تدريجياً.
وقال إن الأزمات المالية تؤثر على الاستثمارات بشكل كبير “لكن هناك خطوات إيجابية تم اتخاذها في هذا المجال، ففي البداية كان التأثير كبيراً، أما حاليًا فيبدو أن هناك تقدما إيجابيا وان كان بخطوات متباطئة، فالاستثمار يتقدم نحو الأفضل إذ أن هناك شركات من 15 دولة تستثمر في إقليم كردستان مباشرة خاصة في مجال الصناعات الغذائية والتحويلية وفي المشاريع السكنية والصناعية والسياحية أيضا”.
وتابع الجاف: “وهناك شركات من 17 دولة تعمل في كردستان من خلال الشراكة مع الشركات المحلية، فمن الدول العربية المستثمرة في الإقليم هناك السعودية ومصر والإمارات والكويت ولبنان والأردن فضلاً عن استثمارات الشركات التركية والإيرانية”.
خلق فرص عمل
وعن النتائج المستقبلية لتلك الاستثمارات المرتقبة وتأثيرها على المواطن البسيط، يقول المدرس شوان محمد مصطفى إن “الاستثمارات ستعود بالنفع الأكبر على المستثمرين من أصحاب الشركات والمصانع بالدرجة الأولى، كما ستحظى حكومة الإقليم بحصة من عائدات تلك المشاريع كونها من يمنح الموافقات والتراخيص لبدء العمل فيها، أما المواطن فربما يحالفه الحظ في إيجاد فرصة عمل في أحد هذه المشاريع وربما سيكتفي بمشاهدة الأثرياء وهم يزدادون ثراءً”.
وأوضح أن حكومة الإقليم مطالبة “بتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن لأن ذلك من صميم واجباتها تجاه مواطنيها أسوة بجميع حكومات العالم، وعندما تصل معاناة الناس الى ما يفوق قدرتهم على الصبر والتحمل وعندما تتقاعس الحكومة عن تأدية واجبها ينفجر الشعب غاضباً كما حدث في وسط وجنوب العراق وبعض الدول العربية”.
ويشير مصطفى الى أن عدم قدرة الحكومة على توفير التعيينات وفرص العمل لجميع الشباب والخريجين والعاطلين يفرض عليها تشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية “وتوفير بيئة ملائمة للشركات كي تأتي وتعمل في كردستان مع تسهيلات مناسبة ما سيجعل الشباب يتنافسون على فرص العمل التي يخلقها القطاع الخاص بدلاً من المطالبة بالتعيين في الوظائف الحكومية”.
الصين وفرنسا
وفي سياق البحث عن الاستثمارات خارج المنطقة العربية، تأمل حكومة الاقليم استقطاب استثمارات صينية. وكان الحزب الشيوعي الصيني قد وجه دعوة لرئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني لزيارة العاصمة بكين بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين إقليم كردستان والصين، وجاء ذلك خلال اجتماع لبارزاني مع لي جون، نائب مسؤول العلاقات الدولية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، في منتصف شهر نيسان الجاري.
وذكر بيان لحكومة الاقليم ان “الجانبين اكدا خلال اللقاء على تعزيز العلاقات والتعاون والتنسيق في المجالات الاقتصادية والتجارية والتنموية والبنية التحتية وتشغيل رؤوس الأموال والاستثمار والمجالات الأخرى، إلى جانب تسليط الضوء على مشروع الحزام والطريق الذي يمكن أن ينتفع منه في العراق وإقليم كردستان ودول المنطقة الأخرى والعالم”.
ونقل البيان عن جون قوله إن “الصين تتعاون وتنسق بكل الصور مع العراق وإقليم كردستان لإقامة أفضل العلاقات الثنائية وتوفير فرص العمل وتشغيل الأموال والاستثمار في الإقليم والانتفاع من التجربة الصينية في مجالات الإدارة والاقتصاد والخدمات والتكنولوجيا”.
فيما أشاد بارزاني خلال لقائه مع لي جون بدور السفارة الصينية في بغداد وقنصليتها العامة في إقليم كردستان وعملهما “لتطوير وتعزيز العلاقات بين إقليم كردستان والصين”، ومؤكداً الاستعداد لتقديم كل التسهيلات لأعمال ومشاريع واستثمارات الصين في إقليم كردستان.
ويتفق الفرنسيون مع نظرائهم العرب والأجانب على أن كردستان بيئة جاذبة للاستثمارات فقد اشاد القنصل العام الفرنسي في اربيل دومينيك ماس، الخميس الماضي، بالاستقرار السائد في اقليم كردستان، مشدداً على ان “البيئة ملائمة جداً للاستثمار وعمل الشركات الاجنبية”.
وقال ماس خلال مؤتمر الملكية الفكرية الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة في اقليم كردستان بالتعاون مع القنصلية الفرنسية، إن “الشركات التي تنوي العمل والاستثمار في اقليم كردستان ستنعم بأجواء امن واستقرار تساعد على عملها”، مضيفاً ان حكومة اقليم كردستان “تستقبل هذه الشركات برحابة صدر وتتعاون معها”.
واعتبر القنصل الفرنسي نجاح حكومة الاقليم في توفير الامن والاستقرار سببا في زيادة حجم الاستثمار والاعمال التجارية في كردستان بالمقارنة مع دول الجوار، قائلاً “اريد ان ابيّن بأن هناك فرص جديدة للعمل والاستثمار يمكن استغلالها”.
واشار الدبلوماسي الفرنسي الى ان “على حكومة اقليم كردستان العمل بشكل أكبر لضمان ثقة الشركات الاجنبية وخلق قناعة لديها بان اقليم كردستان سوق مناسبة وملائمة للعمل والاستثمار”.
يذكر أن المديرية العامة للمعارض بإقليم كردستان تعتزم ضمن خطتها لهذا العام إقامة معارض تجارية وصناعية واقتصادية متنوعة تشمل جميع تخصصات الشركات الاستثمارية العربية والأجنبية التي ترغب في مزاولة نشاطها على أراضي الإقليم، وبحسب مدير عام المعارض في إقليم كردستان عبد الله أحمد عبد الرحيم فإن “إقليم كردستان وفقاً للعقود التي وقعها مع الجهات الدولية المنظمة للمعارض سينظم خلال عام ٢٠١٩ ما بين ١٠-١٥ معرضا دوليا في مجالات الاقتصاد والثقافة والطب”.
ت: س ن