2024-11-28

حسن ابراهيم قصص قصيرة جدا ترجمة: ماجد الحيدر

3

(الثورة)
كنت أتمشى في حدائق الجنة، ومن حولي الحوريات. مستعجلا كنت، لكنني قبل أن أستضيف أربعين حورية أردت أن أعرف ماذا حل بذلك الرجل ذي الجزمة العسكرية الذي رقص على رأسي، وفي أية هاوية من الجحيم يتقلب؟
وقبل أن أسبح في أنهار الخمر والشراب بلغت سمعي ضحكات إحدى وأربعين حورية، فغيرت وجهتي. رأيت صاحب التاج والنجمات وهو يداعب جدائل الحوريات. لم أتمالك نفسي. يممت وجهي شطر السماء وصرخت بأعلى صوتي:
– أخرجوني من هذه الجنة!

(شهيد)
استشهدت في معركة ضد محتلي بلادي. زينوا جثماني بعلم موطني. حمل القادة تابوتي على أكتافهم. قبل أن يبدأ منكر ونكير في تقليب تفاصيل حياتي أمسكني ملاكان من كتفيّ وأخذاني الى الجنة. وقبل أن يدونا اسمي في دفتر أهل الجنة وضعاني وسط حشد من الحوريات، فرأيت ذلك المحتل الذي أطلق الرصاص على صدري وهو ينتقي ما يهوى من الحور العين..
صرخت.. وعدت القهقرى صوب قبري..

(لوحة)
في الجانب الأيمن سجن خرب يبدو للعيان وسط النار والدخان.
في وسط اللوحة حرب لم تزل مستعرة.
في الجانب الأيسر ثمة أناس عاكفون على زرع الورود.
الى الخلف منهم كانت البحار والجبال منهمكة في مفاوضات يائسة.
لم يعر أحد أي اهتمام للتراب.
وفوق إمضاء الرسام خطت كلمتان: الشرق الأوسط!

(الحرب العالمية الثالثة)
1- وضع لابتوبه فوق ركبتيه. احتسى رشفة من القهوة الموضوعة أمامه.
عروق رقبته ارتخت بين أصابع نحيلة. عبثت سبابته ببعض الرموز الالكترونية.
واختنق الهواء فوق رؤوس الفقراء بالدخان الأبيض.
2- وابتدأت حرب الهواتف المحمولة.
شاشات التلفاز امتلأت بالأفواه العفنة.
اصفرّت الدماء. صار البارود سعوطا ينشقونه.
أعلن الحظر على السفر. أحيطت الحدود بالأسلاك.
صار الخبز دواء. صار الموت أمنية الشعوب.
ولم يخرج من الأسلحة صوت.
3- شتاء ساخن.. صيف بارد.
تصاعدت ألسنة اللهب من كثبان الثلج.
دموع سوداء انهمرت من الغيوم البيضاء
خيوط الشمس نثرت البرد والزمهرير
ما من مكان يلتقط فيه المرء أنفاسه
الشوارع ملغومة.. الحدائق استحالت مقابر جماعية.
الأديرة والمساجد غدت ثكنات عسكرية
أنا وأنت في انتظار موعد مبهم.
أريد أن أقبّلك.. وأنت على وشك أن تخبئي نفسك في أحشائي..

(كش ملك)
هيا انهض. لذ بالفرار، أو اشنق نفسك كما الرجال!
هذه لعبة لا تجيدها.
اللعب مع شعب فقير ليس عبثا
كش.. أنت متهم
كش.. أنت سارق
كش.. أنت قاتل جماعي
كش.. أنت قاتل رهائنك
لم تعد قلاعك ولا جنودك ولا أفراسك ولا أفيالك بقادرة على حمايتك
أغنياؤك ووزراؤك ومرتزقتك ما عادوا قادرين على إخفائك في بطونهم
كش.. الفقراء صاروا شرسين. كش.. الفقراء جائعون..
كش كش أيها اللص!