آذارُنا.
فاضل ميراني*
غرة اذار الحالي، كتبت استذكارا لشيء عن معنى من معاني وفاة والد امتنا المعاصرة الملا مصطفى البارزاني، وقلت ان اذار هو شهرنا، وان ايامه بها ذكرى نعيد احيائها بأخذ عبرة، فنحن قد تعلمنا من قائدنا ان لا نكرر التاريخ، بل نضعه مؤنة مفسرة للحدث بعقلية لا تطيف بها اوهام، و لا تقبل نزوعا لخيال العاجزين، الذين اذا قادوا كانوا خرابا و اذا جرت قيادتهم كانوا خانعين.
موزعة ايام اذار بين قتلنا و حياتنا و اغتيالانا و ميلادنا و انطلاقتنا.
اول يوم به هو يوم سكن قلب مصطفى البارزاني عن الخفقان، كنا نعيش سنوات ثورة گولان، التي تفجرت بعد التأمر على ثورة ايلول و اتفاقية أذار.
الثوار فقط، و القلوب الحية بنبض الانعتاق يدركان فقط المعنى الحقيقي لفقد البارزاني سيما وهو يقود ثورة شعبه الذي لجأ الالوف منه بعيدا عن بطش النظام السابق، و اندفع بيشمركة حزبنا الديمقراطي الكردستاني ليتسلق كتوف الجبال بكردستان لأدامة الثورة.
وهج و طهر البارزاني عوض كل نقص و سد كل حاجة في عملنا و نحن نواجه نظاما يمتلك كل شيء الا شرعية مواجهتنا اخلاقيا و قانونيا.
في خامس ايام اذار تحركت جماهير شعبنا في انتفاضة سنة١٩٩١، و الانفاضة تلك، هي حفيدة ثورة ايلول و بنت ثورة كولان، و كلهم من عائلة النضال الكردي القومي و الوطني الذي تعود شرعية انتسابه للملا مصطفى البارزاني قائدا ثائرا و من حوله نخب من شعبه الكبير كل بسلاحه يدافع و يطلق رصاصة، بندقية و كلمة و حرفا على سبورة، و دواء بمشفى، و خبزا من قرية، و صوتا بمذياع.
في سابع ايامه تحررت مدينة الشيخ محمود الحفيد، مدينة السليمانية العزيزة، مدينة التضحية و الفداء التي بها و منها خرجت الوف الكوادر قبلا و الان و مستقبلا وهي تحمل للبارزاني المحبة و تسير على دربه.
في يومه الحادي عشر نستذكر اتفاقية سنة ١٩٧٠، وهو مفصل سياسي و قانوني ضخم في تاريخ امتنا، وما كان ليكون لولا نضال البارزاني و حنكته التي اضطرت نظاما مثل النظام العراقي وقتذاك ان يجنح لسلم ثم خانوا المواثيق، وتقيدنا بوعدنا و صنّا العهود.
عين يوم الحادي عشر هو ذكرى تحرير مدينة اربيل- هه ولير، عاصمة اقليم كردستان التي صارت بقيادة حزبنا و من بعد اتعابه القومية و الوطنية و بوعي اهلها الكرام، مدينة تختصر معنى التحول للمعاصرة و الحفاظ على الاصالة.
في الرابع عشر من اذار تحل ذكرى ميلاد الملا مصطفى البارزاني، و هو عين يوم تحرير مدينة دهوك.
ميلاد البارزاني: هو حدث خليق دوما بالاحياء و التعمق في ادامة تغذية الاجيال بشخص معدن النضال الذي تجسد في الملا مصطفى، فمع كل التبدلات التي هي من طبيعة الحياة، الا ان الوقاية من مرض النكوص و العودة لصيغة من صيغ واقع ما قبل ثورة ايلول لا يكون الا بالتعرف الحق على البارزاني، فذلك كفيل بالتحصل على مناعة لمن يتجه للتحرر ان يقتدي و يحتج بمصطفى البارزاني.
في مثل يوم ميلاده و في سنة الانتفاضة، تحررت دهوك، مدينة برأس جغرافيا اقليم كردستان، وفيها احتضن اهلها ابناء حزبنا من البيشمركة، مثلها مثل باقي مدن كردستان خلال الانتفاضة و ايام العمل النضالي، ومثلها و باقي مدن و قرى كردستان كان لها سهمها من التضحيات و الكوادر و المواقف الشعبية.
يجي السادس عشر من اذار بذكرى دامية خانقة، ذكرى قصف حلبجة التي استشهدت بغاز سام يسمونه العسكر استعارة( العتاد الخاص)، في استكمالا لمسلسل الحنث بيمين السلطة، السلطة التي حادت كثيرا عن جادة الصواب، فهي تبيع اراضي العراق و مياهه و ترهن مقدارت شعوبه، ثم تستكمل الجريمة بقتل رعاياها خنقا.
الحادي و العشرون منه هو ذكرى نوروز و ذكرى تحرير كركوك مدينة التعايش الكردستانية.
اما نوروز فعيد قومي اصله نحن و سبب الخلاص من الظلم و فاعله اجدادنا.
واما كركوك، فهي مدينة نحرص على سلامة و استباب التعايش الحقيقي فيها مثلما نحرس على جذرها و ساقها و اغصانها الكردستانية، وهي و مثيلاتها شواهد على بطيء التحرك نحو تغير كبير في عقل السلطة، و دليل على معنى و تأثير الدعاية المغرضة و المكذوبة التي تنتهجها سلطة اي سلطة لا لعلاج الخطأ بخطأ بل لجعل الباطل حقا و الحق باطلا.
هذا هو اذارنا، اذار الذي كلما جاء اضفنا تفسيرا للتاريخ محايدا نعمل به حتى لا نكون ممن يعيد الحدث فينفصل عن الواقع و النتائج.
دليلنا هو: انظروا لكردستان كيف كانت و كيف صارت، وكل خير اصابها فهو شيء بسيط مما احتازه الملا مصطفى البارزاني لرفعة شعبه.
- سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني.
المقال منقول من صحيفة الزمان العراقية.