الهجوم التركي على شمال شرق سوريا فرصة لاحياء داعش
الأهالي ريبورت:
يشكل الهجوم التركي على مناطق الادارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، بارقة أمل لدى آلاف من مقاتلي داعش المعتقلين واسرهم المحتجزين في المخيمات التي يديرها الكرد، للهروب منها الى تركيا لبدء حياة جديدة فيها او للعودة للالتحاق بالتنظيم المتشدد الذي يعيد بناء خلاياه وبدأ بشن هجمات.
ففي مخيم الهول، كبرى مخيمات شمال شرق سوريا، تتمنى أم أسامة أن يسمح الهجوم التركي ضد المقاتلين الكرد لها بالفرار.فالعملية التركية انعشت آمال كل مناصري ومقاتلي تنظيم داعش المحتجزين بالهروب.
تقول الشابة السورية (25 عاماً) التي غادرت آخر جيب للتنظيم ا في شرق سوريا قبل أشهر “إذا اقتحم الجيش التركي المخيم سنغادر”.
وتضيف بفخر “نتمنى أن يتم إعلان +الخلافة+ مجدداً لأن الكرد الآن ضعفاء ولكن لن نغادر بدون أزواجنا المسجونين” لدى القوات الكردية.
وأم أسامة واحدة من 70 ألف شخص من نازحين وأفراد عائلات مقاتلين في تنظيم داعش يقطنون مخيم الهول، وبينهم أجانب يعيشون في قسم خاص يخضع لحراسة مشددة.
وتدير قوات سوريا الديموقراطية، التي يشكل المقاتلون الكرد عمودها الفقري، ثلاثة مخيمات في شمال شرق سوريا بالإضافة إلى سبعة سجون تحتجز فيها آلاف الجهاديين الذين اعتقلتهم على مراحل خلال معاركها ضد التنظيم بدعم أميركي.
الخوف من عودة داعش
ومنذ بدء القوات التركية في التاسع من الشهر الحالي هجوماً في شمال شرق سوريا، كررت قوات سوريا الديموقراطية، التي هزمت التنظيم ميدانياً، خشيتها من أن ينعكس انصرافها إلى القتال سلباً على جهودها في ملاحقة خلاياه النائمة، كما في حفظ أمن مراكز الاعتقال والمخيمات المكتظة.
في الهول، يتولى عناصر من قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) حراسة المخيم، الذي تنتشر فيه كاميرات مراقبة، وتحيط به خنادق محفورة بعمق مترين، وفق ما شاهد مراسل فرانس برس.
ويتجول عناصر الأمن مدججين بأسلحتهم بين الخيم لمعاينة الوضع بعد ورود أنباء عن استعداد مجموعة من النساء للفرار، في محاولات تكررت مؤخراً، وفق القيمين على المخيم.
وتتنقّل نساء منقبات بالأسود بسرعة بين الخيم لتجنّب الحديث إلى الصحافيين بينما يلهو أطفال بالتراب في الخارج.
وقالت إمرأة بلجيكية، إن نساء شكلنّ شرطة “الحسبة” التي كان يعتمدها التنظيم في مناطق سيطرته، يمنعن النساء من الحديث.
وأضافت باختصار “الوضع في المخيم مأسوي وننتظر الفرصة للخروج”.
نثق بالبغدادي
وتأمل حنان حسن (35 عاماً) من مدينة الموصل العراقية أن تتمكن من المغادرة قريباً.
وتقول لفرانس برس “تلقينا معلومات أن ثمة إخوة سيأتون قريباً لإنقاذنا وسنعود الى الخلافة الاسلامية”، مضيفة بإصرار “نثق بقرارات خليفتنا أبو بكر البغدادي لأننا نعيش هنا ظروفاً صعبة ولا أحد يهتم بأمرنا”.
وحضّ البغدادي في تسجيل صوتي في 16 أيلول عناصره على “إنقاذ” مقاتليه وعائلاتهم متوعداً بـ”الثأر” لهم.
وقال “السجون السجون يا جنود الخلافة (..) إخوانكم وأخواتكم جدّوا في استنقاذهم ودكّ الأسوار المكبلة لهم”.
عند مدخل القسم المخصّص للأجنبيات في مخيم الهول، تتولى شابات في صفوف قوات الأمن الكردية تفتيش النساء والتدقيق في هوياتهن ومقتنياتهن. وترافق الراغبات منهنّ بزيارة الطبيب.
وتمشي نساء منقبات بخطى سريعة لتفادي الحديث مع فريق وكالة فرانس برس، بعدما تلقينّ تعليمات عبر تطبيق تلغرام من التنظيم المتطرف بعدم إجراء مقابلات، وفق ما قالت إحداهنّ.
وتتحدث امرأة تقول إنها من بلجيكا، من دون أن تذكر اسمها، عن ظروف معيشية صعبة.وأضافت “الوضع في المخيم مأسوي. لا خدمات ولا اهتمام بأطفالنا”، مضيفة “ننتظر الفرصة للخروج من هذا المخيم”.
لن أذهب
وأثار الهجوم التركي مخاوف من تفعيل الخلايا النائمة لنشاطها وهروب المحتجزين والمعتقلين. وأبدت دول أوروبية عدة قلقها البالغ على مصير 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي من أصل 12 ألف عنصر من التنظيم في سجون المقاتلين الكرد. وتدرس فرنسا ودول أخرى إمكان نقل الجهاديين إلى العراق لمحاكمتهم.
وتكررت منذ الأسبوع الماضي حوادث فرار وأعمال شغب، وفق ما أفاد مسؤولون كرد. ويرتبط الآلاف من مقاتلي داعش بصلات عديدة مع مقاتلين آخرين من فصائل تدعمها انقرة بما فيها جبهة النصرة، حيث عملوا لسنوات بصورة مشتركة.
ويتهم صحفيون وكتاب وباحثون وحتى مسؤولون اقليميون وغربيون انقرة بمساعدة عشرات آلاف من مقاتلي داعش على الوصول الى سوريا والتجمع فيها بل وحتى تسهيل عملياتها ضد النظام السوري في بداية الحراك السوري وطوال سنوات تمدد التنظيم 2014 و2016. وكانت تركيا المعبر الأساسي لوصول المتطوعين من مختلف دول العالم الى تركيا.
ازدياد محاولات الهروب
توضح المسؤولة الأمنية في المخيم ليلى رزكار لفرانس برس أنه “بعد نداء البغدادي.. وبعد الهجوم التركي، بات لديهم أمل بالخروج وازدادت محاولات الهجوم على العناصر الأمنية في المخيم”.
وتتواصل نسوة محتجزات في المخيم، وفق رزكار، مع جهاديين في الخارج، “يتلقون منهم التعليمات لشن هجمات في المخيم”، لافتة إلى أنهم يكررون خلال تحركات في المخيم ترداد شعار “الخلافة باقية وآتية”.
وتبدي المسؤولة الكردية خشيتها من أن “تخرج أمور المخيم عن السيطرة”، خصوصاً بعد “تراجع عدد الحراس في المخيم ونشرهم على الحواجز في المناطق الحدودية وفي الجبهات”.
وبخلاف النسوة اللواتي يرغبن بالخروج في أقرب فرصة، تفضّل أم سفيان (32 عاماً) المتحدرة من مدينة تولوز الفرنسية البقاء في المخيم ما لم يشمله الهجوم التركي.
وتقول وهي أم لأربعة أطفال “لا أعرف إلى أين أذهب” إذا تسبب الهجوم التركي بخسارة الكرد السيطرة على مخيم الهول.
وتتابع “سأبقى هنا، لم يعاملونا (الكرد) بسوء، سأبقى هنا ولن أذهب”، مضيفة “حتى لو كانت الحياة صعبة في المخيم، لكني لم أتعرض للتعذيب أو الضرب”.
ولا تبدو فرنسا خياراً لأم سفيان، إذ تقول “لا أعول على فرنسا، لانها تريد أن تأخذنا”.
ويبقى السيناريو الأسوأ أن تحاول السلطات الفرنسية إبعادها من أطفالها. وتقول “في فرنسا، سأذهب إلى السجن، وحتى بعد خروجي لن أتمكن من أخذ أطفالي”.
وتوضح “أما هنا فاستطيع العيش مع أطفالي”.
التنظيم يعلن “تحرير” نساء
وفي الاسبوع الاول لهجوم القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها ضد مناطق سيطرة الكرد، أعلن تنظيم داعش، عن تمكنه من “تحرير” عدد من النساء المحتجزات لدى المقاتلين الكرد، إثر شنّه هجوماً على أحد مقراتهم في محافظة الرقة في شمال سوريا، وفق بيان نقلته حسابات جهادية على تطبيق تلغرام.
ومع إنصراف قوات سوريا الديموقراطية الى قتال القوات التركية فر نحو 800 شخص من عائلات مقاتلي التنظيم من مخيم للنازحين قريب من الحدود التركية، فضلاً عن فرار جهاديين من أحد السجون بينهم بلجيكيان وأعمال شغب شهدتها مراكز احتجاز أخرى.
وقال التنظيم المتطرف في بيان إنه شنّ هجوماً ضد مقر لمقاتلين كرد “كانوا يحتجزون فيه عدداً من المسلمات” في قرية المحمودلي غرب الرقة.
وأوردت وكالة أعماق الدعائية التابعة للتنظيم إن “الهجوم أسفر عن تحرير المسلمات وتأمينهن”.
ولم يصدر أي تعليق أو تأكيد من قوات سوريا الديموقراطية.
تجميد العمليات ضد داعش
وأعلن قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي، في مقابلة تلفزيونية بداية شن الهجوم التركي على شمال شرق سوريا “تجميد” كافة العمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي رغم هزيمته الميدانية لا يزال ينشط عبر خلايا نائمة.
وكررت قوات سوريا الديموقراطية مؤخراً خشيتها من أن ينعكس انصرافها إلى قتال القوات التركية التي تشن هجوماً ضدها منذ أسبوع سلباً على جهودها في ملاحقة خلايا التنظيم، كما في حفظ أمن مراكز اعتقال ومخيمات مكتظة، تؤوي آلاف الجهاديين وأفراد عائلاتهم.
وأبدت دول أوروبية عدة قلقها البالغ من تداعيات الهجوم على المعركة ضد خلايا التنظيم، وعلى مصير 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي من أصل 12 ألف عنصر من التنظيم في سجون المقاتلين الكرد.
ودفع الهجوم التركي تلك الدول إلى البحث عن حلول بديلة. وتدرس فرنسا ودول أخرى إمكانية نقل الجهاديين إلى العراق لمحاكمتهم.
وأعلن الكرد الأسبوع الماضي فرار خمسة جهاديين من سجن نيفكور في القامشلي بعد سقوط قذائف تركية قربه. وأكدت بلجيكا الأربعاء الماضي فرار بلجيكيّين إثنين من أحد السجون.
وأحصت الإدارة الذاتية الكردية بداية الهجوم التركي، فرار نحو 800 شخص من أفراد عائلات التنظيم من مخيم عين عيسى في شمال الرقة، بعد سقوط قذائف أطلقتها القوات التركية قربه.
وعاد بعض الفارين إلى المخيم، إلا أن ثلاث فرنسيات بينهم أصبحنّ في عهدة مقاتلي التنظيم مجدداً، وفق ما أكدت عائلاتهنّ.
وأحبط حراس مخيم الهول الأسبوع الماضي أعمال شغب قامت بها نسوة من عائلات مقاتلي التنظيم، وفق ما أفاد مسؤولون كرد.
متهمون في فرنسا
في سياق متصل، وجّه القضاء الفرنسي، إلى سبعة موقوفين تهمتي “تمويل الإرهاب” و”تشكيل عصبة أشرار” وذلك لجمعهم أموالاً بهدف إرسالها إلى جهاديات معتقلات في سوريا لمساعدتهن على الفرار، بحسب ما أفادت مصادر قضائية السبت.
والمتّهمون السبعة أوقفوا الاسبوع الماضي، وقد حصل واحد منهم فقط على إطلاق سراح مشروط في حين أنّ ثلاثة آخرين أودعوا سجن فالانس في جنوب شرق فرنسا.
واعتقل السبعة في مداهمة نفّذتها المديرية العامة للأمن الداخلي في إطار تحقيق أولي يتولّاه مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب.
وضبط المحقّقون بحوزة المتهمين هواتف ومفاتيح ذاكرة ضوئية “يو أس بي”.
وفي بلجيكا وجّهت السلطات القضائية في إطار تحقيق منفصل لكنّه على صلة بالتحقيق الفرنسي إلى شخصين تهمة “المشاركة في أنشطة جماعة إرهابية”.
وضبط المحقّقون البلجيكيون بحوزة الموقوفين مبالغ نقدية كبيرة تراوح بين 8 آلاف و10 آلاف يورو.
وفقاً لمكتب المدّعي العام الفدرالي البلجيكي فإنّ الأموال التي جُمعت في فرنسا وبلجيكا كانت ستسمح لعدد من الجهاديات (لم يحدّد عددهن) بدفع أموال لمهربين للفرار من أماكن احتجازهن في سوريا.
ومنذ أطلقت تركيا هجومها على مناطق الادارة الذاتية الكردية في شمال سوريا، تخشى الدول الغربية فرار 12 ألف جهادي محتجزين لدى الكرد بينهم 2500 إلى 3000 أجنبي.
وحذّر قاضي التحقيق دافيد دو با وهو منسق قسم مكافحة الإرهاب في محكمة باريس، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، من أن عدم إعادة الجهاديين الفرنسيين المحتجزين في سوريا “يشكل خطرا على الأمن العام” في فرنسا.
وقال القاضي في تصريح غير مسبوق في وقت ترفض السلطات الفرنسية إعادة هؤلاء الجهاديين، إنّ “عدم الاستقرار السياسي وسهولة اختراق ما تبقى من مخيمات الكرد يثيران الخشية من أمرين: هجرة غير منظمة لجهاديين إلى أوروبا مع خطر حصول هجمات ينفّذها عقائديون متشددون من جهة، وإعادة تشكيل مجموعات إرهابية مقاتلة مدرّبة في المنطقة من جهة أخرى”.
وحذر مسؤولون اوربيون وباحثون دوليون وقيادات في قوات سوريا الديمقراطية من ان الهجوم التركي على شمال شرق سوريا واستهداف تركيا للقوات الكردية، يشكل فرصة لاعادة احياء تنظيم داعش مجددا، وجعله قوة مهددة للأمن الاقليمي.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية، المؤلفة من قوات كردية واخرى عربية، السبب الرئيسي في تدمير تنظيم داعش كونها من قاتلت على الأرض طوال اربع سنوات وفقدت على طريق تدمير التنظيم أكثر من 12 الف قتيل واضعاف ذلك الرقم من الجرحى.
س ن