نيجيرفان بارزاني: الدستور لم يُطبّق وبناء عراق ديمقراطي تعددي ومستقر واجه فشلاً ذريعاً
الأهالي ريبورت
قال رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، اليوم الأربعاء (15 آذار 2023)، ان الدستور العراقي لم يتم تطبيقه، مؤكدا ان هدف العراقيين المتمثل في بناء عراق ديمقراطي تعددي مدني ومستقر، واجه فشلاً ذريعاً.
وجاءت تصريحات نيجيرفان بارزاني خلال مشاركته في ملتقى السليمانية السابع.
وقال رئيس الإقليم “في ذكرى جريمة القصف الكيمياوي لحلبجة، أنحني إجلالاً للأرواح الطاهرة للشهداء، فكلنا مدينون لتضحيات أبناء حلبجة. بذلنا على مدى سنوات الكثير من الجهد لتحويل حلبجة إلى محافظة، ليجري تعويضها وتقديم الخدمات لأبنائها.”
ودعا رئيس الإقليم الحكومة الاتحادية إلى تخصيص ميزانية خاصة لإعادة إعمار حلبجة وتعويض ذوي الضحايا والمصابين.
وأضاف “إننا في إقليم كوردستان، ندعم حكومة وخطوات دولة رئيس وزراء العراق الاتحادي كل الدعم. فمنذ أن باشر مهام منصبه، وبناء على اتفاق ائتلاف إدارة الدولة لتشكيل الحكومة الذي اتخذه خارطة طريق، سعى لخلق أجواء سياسية آمنة في العراق، كما اهتم بكل مناطق ومكونات العراق ونأمل منه أن ينفذ هذا الاتفاق والقوانين”.
وأكد أن الاتفاق الذي تم في إطار مشروع قانون الموازنة العامة، عمل جيد جداً لصالح كل العراق، وبضمنه إقليم كوردستان، وتستحق الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كوردستان الثناء عليه.
ولفت نيجيرفان بارزاني الى ان الإقليم يتطلع إلى استمرار هذا التوجه وإصدار قانون النفط والغاز بنفس روحية التعاون بين الجانبين.
وقال “مرت عشرون سنة على عملية تحرير العراق وهذا الملتقى هو فرصة مواتية لإجراء تقييم مهم يعود بالنفع على المستقبل. لكن من المهم جداً أن يجري هذا التقييم بعيداً عن تبادل الاتهامات بشأن الإخفاقات. لأن هذا أسلوب غير نافع، فنحن جميعاً مشتركون في الإخفاقات، كما أننا جميعاً مشتركون في النجاحات، سواء أكانت تلك الإخفاقات والنجاحات كثيرة أم قليلة”.
وتابع ان “السنوات العشرون الأخيرة، وبرغم كل النواقص، كانت مختلفة عن أيام الدكتاتورية، فعلى الأقل استخدم شعب العراق الحرية لإظهار حيويته في المنطقة. مرحلة المعارضة العراقية كانت ناجحة منذ مؤتمري لندن وصلاح الدين ثم تشكيل مجلس الحكم وكتابة الدستور. لكن بعد ذلك، بدأ الخروج عن الخط والأخطاء تتابع شيئاً فشيئاً، لتتحول إلى أزمات كبيرة، وذلك بسبب غياب الحوار البناء بين الأطراف وعدم تطبيق الدستور العراقي”.
وأكد رئيس الإقليم ان “هدف العراقيين المتمثل في بناء عراق ديمقراطي تعددي مدني ومستقر، واجه فشلاً ذريعاً. لهذا تراجعت مشاركة الشعب في العملية الديمقراطية لدرجة كبيرة، ولهذا تأثير خطير للغاية على مستقبل العملية الديمقراطية، خاصة وأن العراق خسر في الماضي الملايين من الأشخاص والمليارات من الدولارات بسبب الدكتاتورية، وضاعت عشرات سنوات من أعمار أجياله في دوامة العنف والحروب”.
وأضاف ان “المجتمع المدني والحقوق المدنية للشعب والنساء بصورة خاصة، لحقت بها أضرار كبرى. فخلق هذا من جديد، عقبة كبرى في طريق التقدم الاجتماعي وحياة عصرية في العراق، وألحق الضرر الجسيم بقدرات العراقيين على المبادرة والإبداع”.
وقال “أجزم لكم بأن الحقوق المدنية لو تهيأت للعراقيين بالصورة المنتظرة ومثلما هي واردة في الدستور، لكان عندنا اليوم مجتمع مبدع للغاية، وكنا سنجد في العراق مجتمعاً سعيداً.”
وتابع “كثرة مراكز القرار واستخدام سلاح الدولة في الخلافات السياسية الداخلية، وتدمير ثقة المكونات بالمساواة والمشاركة في القرار وفي إدارة البلد، ألحق الكثير من الضرر بالعملية السياسية وبمؤسسات العراق”.
وأضاف ان “الذين كتبوا الدستور، كانوا من مشارب فكرية متنوعة وينتمون لقوميات ومكونات العراق المتنوعة، لم يكتبوا في الدستور ولم يثبتوا كل ما كانوا يطالبون به، لكنهم جميعاً اعتقدوا أنهم كتبوا دستوراً جيداً يستطيع أن يجعل العراق وطناً للجميع، ويجعل منه عراقاً اتحادياً وديمقراطياً ومتقدماً”.
وقال “من دواعي الأسف أن الدستور لم يطبق، ففي العام 2017 حددت لجنة متخصصة في إقليم كوردستان 57 مادة دستورية مرتبطة بالنظام الاتحادي وحقوق إقليم كوردستان، لم ينفذ أي منها حتى الآن! لهذا لا يشعر شعب إقليم كوردستان بأن النظام الاتحادي تم تطبيقه في العراق. فلو طبقت الفدرالية مثلما جاء في الدستور، لكان شعب إقليم كوردستان وكل العراق يشعر الآن بالمساواة وبالشراكة الحقيقية”.
وأشار الى انه “يوجد كثيرون يتهمون إقليم كوردستان بعدم تطبيق الدستور! ونحن وبعد مرور عشرين سنة، لا ندعي أننا في إقليم كوردستان نخلو من أخطاء. كلنا في العراق أخطأنا لكن علينا أن نعتبر من أخطاء الماضي. بذل الرئيس مسعود بارزاني والمرحوم الرئيس مام جلال طالباني الكثير من الجهود لكي يتم تطبيق الدستور”.
في غضون ذلك نبّه رئيس الاقليم مرات عديدة إلى أن الدستور يتعرض للإهمال وأن هذا سيخرب العراق، قيادة إقليم كوردستان شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه تطبيق الدستور، وفاء منها لكل مكونات العراق. والآن فإننا مستعدون لكل مسعى في سبيل وضع الدستور على المسار الصحيح. علينا جميعاً بعد عشرين سنة أن نتحمل المسؤولية المشتركة ونعثر على حلول وسط يجد فيها الجميع في هذا البلد أنفسهم منتصرين في العملية السياسية.
واكد ان التغير المناخي سيؤدي بحلول العام 2050 إلى إجبار مليار ومئتي مليون شخص على الهجرة من ديارهم. وللأسف، فإن دراسات البنك الدولي والأمم المتحدة تضع العراق ضمن خمس دول ستكون الأكثر تأثراً.
ولفت الى جدية هذه المسألة مؤكدا ضرورة أن تزيد من المحادثات فيما بيننا في سبيل العثور على حلول. كما يجب أن نجري الكثير من المحادثات مع دول المنطقة، وخاصة تركيا وإيران، في سبيل التخفيف من أضرار هذا التغير وشحة المياه على العراق. المؤتمر الذي عقد الأسبوع الماضي في البصرة ومساندة الأمم المتحدة والدول الصديقة لبرامج وخطوات العراق هي مبعث ارتياح.
كما أشار نيجيرفان بارزاني الى انه من الأخطار الأخرى التي تهدد العراق، الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للعائدات، فنتيجة للتغير المناخي والمساعي المتسارعة لاستبدال مصادر الطاقة وأسلوب الحياة في العالم، ستتعرض حياة شعب العراق مستقبلاً لخطر كبير جداً. خاصة وأن تعداد سكانه سيرتفع كثيراً، وزيادة الجزء المخصص للنفقات التشغيلية في الموازنة، أثقلت كاهل الحكومة بدرجة كبيرة.
وقال “العراق بحاجة إلى خطة استراتيجية ومشاريع كثيرة ومتنوعة. يجب إنفاق أموال طائلة على المشاريع الاستراتيجية لكي يبقى البلد آمناً للعيش فيه. أما إنفاق العائدات على صرف الرواتب والتي يذهب الجزء الأكبر منها للخارج لتأمين الاحتياجات، فهو أمر يزيد من الأخطار”.
وأضاف “كل المكونات، من أي قومية أو دين أو مذهب كانوا، يجب أن يشعروا بأن العراق وطنهم. علينا أن نعمل جميعنا معاً، لتنجح أجندة العراق في العراق. وأن تكون إرادة وقرار وسيادة العراق والعراقيين محفوظة”.
وتابع “في ظل الأوضاع الراهنة السياسية والأمنية والاقتصادية التي تسود المنطقة والعالم، فإن العراق وبضمنه إقليم كوردستان، يواجه تحديات وفرصاً كبرى. الآن، آن الأوان لإجراء حوار صريح وشجاع. هو وقت يجب علينا جميعنا في العراق أن ننظر معاً إلى المستقبل من خلال رؤية مشتركة”.
واكد رئيس الإقليم ضرورة حل الخلافات في إقليم كوردستان، علينا أن نحل الخلافات بروحية وحدة الصف والتلاحم والتعاضد، وفي هذا السياق فإن جهود وخطوات الأطراف السياسية الرامية لإزالة العقبات التي تعترض طريق الانتخابات، تبعث على الارتياح”.
وختم قائلا “نحن في رئاسة إقليم كوردستان سنواصل عملنا وجهودنا في سبيل تجاوز المشاكل والخلافات. وسنعمل معاً على تحديد موعد للانتخابات، وإجراء العملية في وقتها”
المصدر: K24