نزوح أكثر من 300 ألف مدني في شمال شرق سوريا منذ بدء الهجوم التركي

الأهالي ريبزرت:
تجاوز عدد النازحين في شمال شرق سوريا الـ 300 الف مدني منذ بدء القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها هجومها في التاسع من الشهر الحالي لاحتلال المناطق الكردية على مسافة تمتد لـ120 كلم وبعمق 32 كلم، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس، إن غالبية النازحين فروا من محافظة الحسكة حيث تدور المعارك بين الطرفين في مناطق حدودية، بالإضافة الى منطقتي كوباني (حلب) ومنطقة تل أبيض (الرقة) في شمال البلاد.
وتحولت أربعون مدرسة في محافظة الحسكة، وفق المرصد، إلى مراكز إيواء للنازحين، بينما لجأ كثيرون إلى منازل أقاربهم وآخرون يقيمون في العراء. فيما وصل اكثر من 2300 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال الى اقليم كردستان بحسب الأمم المتحدة.
عوائل كردية تفر إلى العراق
وذكر تقرير لوكالة فراس برس، انه مع احتدام المعارك حول منازلهم بسبب الهجوم التركي، بدأت أسر كردية سورية تعبر الحدود صوب المناطق الكردية في العراق هربا من الصواريخ والقصف الجويّ.
ووصلت روزين عمر البالغة 29 عاما إلى مخيم بردرش في اقليم كردستان العراق من مدينة راس العين التي تعد هدفا رئيسيا للهجوم الذي شنّته تركيا على المناطق التي يسيطر عليها الكرد في شمال شرق سوريا.
وقالت عمر “نزحنا من راس العين الى الحسكة لأن الاوضاع كانت صعبة مع قصف بالصواريخ وكنا نخشى تدهور الاوضاع أكثر”.
وبعيدا عن مخاطر النزاع القائم الذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، لا تخشى عمر فقط تقدم القوات التركية لكن أيضا المقاتلين السوريين المدعومين من انقرة وكذلك القوات السورية الحكومية.
وقالت “نخشى بالاخص احتلال (راس العين) من قبل تنظيم الدولة الإسلامية والجيش الوطني (السوري)، فهربنا لانقاذ اطفالنا من الحرب”.
ومع الساعات الأولى لثالث هجوم تركي على وحدات حماية الشعب الكردية في شمال شرق سوريا، فرّت زويدة وزوجها وأطفالهما من رأس العين.
وقالت “سمعنا أنّ الجنود الأتراك سيقصفون بيوتنا لذا خرجنا إلى الشوارع”.
وصول موجات من اللاجئين
وقال مسؤول العلاقات والإعلام في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في إقليم كردستان العراق يوم الأربعاء الماضي، إنّ نحو ألف كردي سوري وصلوا خلال الأيام الاربعة الماضية إلى الاقليم، فارين من العملية العسكرية التي تشنها تركيا في شمال سوريا.
ودافعت قوات سوريا الديموقراطية طوال الأيام الماضية بشراسة عن مدينة رأس العين الحدودية، إلا أنه إثر غارات تركية وقصف كثيف متواصل منذ ثلاثة أيام، تمكّنت القوات التركية والفصائل الموالية لها من السيطرة على نصف المدينة.
وطالبت الإدارة الذاتية الكردية الخميس المجتمع الدولي بالتدخل لفتح “ممر إنساني” لإجلاء المدنيين والجرحى “المحاصرين” في رأس العين، بعدما طوقتها القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها وتدور فيها اشتباكات عنيفة.
وجاء الطلب الكردي بعد أن قصف المقاتلون السوريون الموالون لتركيا منشاة صحية في المدينة، ما تسبّب بمحاصرة المرضى والموظفين داخلها، على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
دماء في الشوارع
وقالت النازحة زويدة إنها كانت في منزل اصدقاء لها في المنطقة الخاضعة لسيطرة الكرد في سوريا حين سمعت ان القوات الحكومية ستدخل المنطقة التي كانت تتمتع بحكم شبه ذاتي منذ أندلاع الحرب في سوريا في العام 2011.
وأفادت “رأينا الكثير من الدماء في الشوارع. الاطفال اضطروا للمبيت في الشوارع. لم يكن هناك مياه أو أي شيء لنشربه”.
نجحت وأسرتها في شق طريقها للحدود العراقية حيث وفر الكرد العراقيون حافلات لنقلهم إلى مخيم بردرش قرب مدينة دهوك والذي تمت اقامته أساسا للعراقيين النازحين داخليا.
واستضافت كردستان العراق سابقا ملايين العراقيين النازحين من القتال ضد مقاتل يتنظيم داعش، بعدما استولوا على مساحات واسعة في شمال البلاد بين عامي 2014 و2017.
ولا يزال العديد من هؤلاء النازحين يقيمون في هذه المخيمات.
300 الف نازح في اولى ايام القتال
ونزح أكثر من 300 ألف مدني منذ بدء الهجوم التركي، في “واحدة من أكبر موجات النزوح خلال أسبوع” منذ اندلاع النزاع في سوريا وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إنّ سكان المناطق المحيطة بتل ابيض وكوباني وفي محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا أجبروا على مغادرة منازلهم.
وحاول معظم النازحين التوجه برفقة أقاربهم لمناطق أكثر آمنا، وقد قضى بعضهم ليلته في البساتين فيما توجه آخرون إلى نحو 40 مدرسة تحولت إلى ملاجئ طوارئ، بحسب ما أفاد عبد الرحمن.
وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات انسانية من ظروف صعبة يعيشها النازحون على وقع التقدم العسكري التركي المستمر منذ أكثر من أسبوع.
الأهداف التركية
وتريد تركيا انشاء منطقة تسيطر عليها قواتها تمتد على مسافة 440 كلم وبعمق 32 كلم تضم كل المناطق الكردية في شمال شرق سوريا بهدف معلن هو إبعاد المقاتلين الكرد عن حدودها بما يمنع تهديد الأمن القومي التركي من هجمات الارهابيين، الى جانب توطين أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري فيها.
لكن الكرد يقولون ان قواتهم لم يكن يوما مصدر تهديد لأمن تركيا وانها لم تطلق طلقة واحدة نحو تركيا والعكس هو الذي يحدث منذ سنوات، مشيرين الى ان هدف تركيا هو تدمير الادارة الكردية وتغيير ديمغرافية المنطقة الكردية عبر توطين ملايين العرب فيها بما فيه المسلحين المتطرفين الموالين لأنقرة.
وباتت تركيا والجماعات السورية الموالية لها تسيطر على شريط حدودي على طول نحو 120 كيلومتراً ويصل الى عمق أكثر من ثلاثين كيلومتراً في بعض النقاط.
وتسبب الهجوم بمقتل 72 مدنياً على الأقل في شمال شرق سوريا، بحسب المرصد، فضلا عن اكثر من 200 من المقاتلين الكرد.
التوجه نحو دمشق
وفي مواجهة الهجوم التركي الذي تصفه الادارة الذاتية الكردية كما الحكومة السورية بأنه احتلال، طلب القادة الكرد السوريون وبعد تخلي حليفتهم واشنطن عنهم من قوات الحكومة السورية على طول الحدود، وباتت موجودة في مناطق عدة أبرزها منبج وكوباني (عين العرب) وعين عيسى.
وذلك الانتشار يعني عمليا تمدد مناطق سيطرة الحكومة السورية وتوسيع نفوذ روسيا لتكون الحاكم الأول والأخير في سوريا مع تراجع كبير في الدور الامريكي على اثر قرار الانسحاب الكل يمن سوريا.
ولا يعرف ما اذا كان انتشار القوات السورية والروسية على الحدود التركية سيمنع تركيا من الهجوم عليها، في وقت تؤكد انقرة انها لن تكتفي بالسيطرة على 120 كلم وانها ستواصل الهجوم على كل مناطق الادارة الذاتية الممتدة لـ 440 كلم اذا لم يتم طرد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية منها.
ويعني تنفيذ ذلك التهديد ان عدد النازحين الكرد سيرتفع من 300 الف الى أكثر من مليون شخص، لأن الكرد لا يستطيعون العيش في منطقة تحكمها تركيا والفصائل الاسلامية المتششدة الموالية لها، خاصة بعد تجربة منطقة عفرين حين جرت عمليات انتهاك واسعة بتهجير اكثر من 160 الف كردي وعمليات قتل واختطاف وسلب ونهب واستيلاء على مزارع وممتلكات الكرد وبقية الاقليات.
عبور 2300 شخص الى العراق
وأعلنت الأمم المتحدة، أن أكثر من 2300 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، فروا من المعارك الدائرة في شمال شرق سوريا وعبروا الحدود إلى العراق في الأيام الأخيرة.
وقال المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أندريه ماهيسيتش إن المنظمة “تستقبل مئات اللاجئين الذين يعبرون إلى العراق من شمال شرق سوريا”.
وكان قد أعلن بادئ الأمر أنه “تم نقل أكثر من 1600 لاجئ سوري من المناطق الحدودية إلى مخيم بردرش للاجئين” الواقع على بعد 150 كيلومترا إلى الشرق من الحدود السورية العراقية.
لكنه عاد وأوضح أنه تم تسجيل عبور 734 شخصا إضافيا للحدود.
وقال إن اللاجئين بغالبيتهم أتوا من قرى ذات غالبية كردية في شمال سوريا بما فيها كوباني (عين العرب) وعمودا والقامشلي وقرى مجاورة.
وقال ماهيسيتش إن المخيم “تم تجهيزه لاستقبال الوافدين الجدد الهاربين من المعارك في شمال سوريا”.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن نحو 166 ألف شخص اضطروا لترك منازلهم منذ شنّت تركيا هجومها الأخير في 9 تشرين الأول أكتوبر. لكن تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان تقدرهم بأكثر من 300 ألف مدني، واصفا الأمر بأنه إحدى أكبر عمليات النزوح منذ اندلاع الحرب في سوريا في عام 2011.
ويقول المرصد إن ما يقارب 500 شخص قد قتلوا، بينهم مدنيون، غالبيتهم في الجانب الكردي، وفق فرانس برس.
وقال ماهيسيتش إن اللاجئين الواصلين إلى العراق أبلغوا المفوضية العليا للاجئين بأن “الوصول إلى الحدود هربا من القصف والمعارك استغرقهم أياما”.
وتابع أن “غالبية الواصلين الجدد هم من النساء والأطفال والشيوخ”، مضيفا أن بعضا منهم “يحتاج إلى عناية نفسية”. وقال إن الفرق على الأرض تقدّم للاجئين الوجبات الساخنة والمياه وحاجات أساسية أخرى.
زيادة المساعدات الانسانية
في الأثناء، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه سيزيد مساعداته الغذائية الشهرية في شمال شرق سوريا بهدف تقديم الرعاية لنحو 580 ألف شخص موجودين في المنطقة.
وقال المتحدث باسم البرنامج إيرفيه فيروسيل إن البرنامج “يملك حاليا في مخازنه مساعدات غذائية عامة تكفي أكثر من 500 ألف شخص ومساعدات غذائية جاهزة للاستهلاك تكفي 132 ألف شخص”، مضيفا أن العمل جار لزيادة المخزونات.
لكن في حال اتسعت رقعة الهجوم التركي وشملت المناطق التي تضم المدن الكردية الكبيرة، فان مسؤولين كرد يتوقعون نزوح اكثر من مليون شخص، ووصول عشرات آلاف منهم الى اقليم كردستان، وهذا سيضع المنظمات الانسانية في وضع حرج لتأمين متطلباتهم الغذائية والدوائية والمعيشية الأخرى.
س ن