عودة 45 عائلة نازحة يومياً من السليمانية الى المناطق المحررة من داعش
الأهالي ريبورت
أدى الإستقرار الأمني وعودة الخدمات الى المناطق المحررة التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش الى عودة آلاف العوائل التي نزحت الى محافظات الاقليم بعد سيطرة داعش على مناطقهم، في وقت يفضل آخرون البقاء في ظل أجواء الانفتاح وفرص العمل المتوفرة في الاقليم، بينما ينتظر البعض اعادة بناء منازلهم المهدمة وتحسين الخدمات في مناطقهم.
وتمكنت القوات العراقية من تحرير كافة المناطق من سيطرة داعش عام 2017، فيما دعت الحكومة الاتحادية النازحين للعودة الى مناطقهم بعد تحريرها وعودة الخدمات اليها من ماء وكهرباء ومؤسسات صحية الى جانب اعادة افتتاح المدارس والدوائر الحكومية والخدمية لتمكين العائدين من ممارسة حياتهم الطبيعية كما كانت.
وتقدر عدد العوائل العائدة من السليمانية الى مناطقها بنحو 20 الف عائلة من أصل 60 الف عائلة كانت قد نزحت واستقرت في المحافظة الكردية التي يقول الكثير من النازحين بانها توفر بيئة جيدة للتعايش والاستقرار والعمل.
واستقبلت السليمانية مع بداية ظهور التنظيم آلاف العوائل النازحة وخصوصاً من مناطق الأنبار وصلاح الدين ونينوى، وبعد استتباب الامن في تلك المحافظات وتوفير الخدمات فيها عقب تحريرها، بدأت عملية عودة النازحين وهي تزداد يوماً بعد آخر.
التعويضات والخدمات
ويقول جيا حسين مدير دائرة الهجرة والمهجرين فرع السليمانية، التابعة للحكومة الاتحادية، انه “بعد تحرير المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي، عادت العديد من العوائل الى مناطقها”.
ويضيف حسين في حديث خاص لـ”صباح كوردستان”، انه مع اصدارالحكومة الاتحادية سلسلة قرارات خاصة لصالح النازحين ومنها تعويضهم مادياً “بدأت حركة قوية وسريعة جداً لعودة النازحين الى مناطقهم”.
ويرى حسين بـأن قرار الحكومة الاتحادية بمنح مليون ونصف مليون دينار عراقي لكل عائلة نازحة تعود الى منطقتها “ساهم بشكل كبير في عودة النازحين الى محافظاتهم”، لافتاً إلى أن “استقرار الأمن وعودة الخدمات أيضاً له دور كبير في هذا الأمر”.
45 عائلة تعود يومياً الى مناطقها
وبحسب مدير فرع السليمانية لدائرة الهجرة والمهجرين فان ما بين 40 الى 45 عائلة نازحة يوميا “تجري معاملات العودة الى مناطقهم لاسيما التي تتمتع بخدمات جيدة واستقرار الوضع الأمني فيها”.
وتعتبر مدينتا ديالى وصلاح الدين بالدرجة الأولى ومن ثم الأنبار والموصل، من أكثر المناطق التي تعود اليها العوائل النازحة، وتقوم مئات العوائل باجراء معاملات العودة خلال هذا العام على عكس الأعوام السابقة. بحسب مدير فرع السليمانية لدائرة الهجرة والمهجرين.
40 ألف عائلة مازالت في السليمانية
وعن عدد العوائل التي مازالت في السليمانية، يقول جيا حسين انه “في البداية سجلت في دائرتنا نحو 60 ألف عائلة نازحة بشكل رسمي بعد اثبات صحة نزوحها، إلا أنه بعد قرار الحكومة الاتحادية بمنح مليون ونصف لكل عائلة تعود الى منطقتها بلغ عدد العوائل الباقية في السليمانية وجميع الادارات التابعة لها نحو 40 ألف عائلة”.
وبالرغم من استتباب الوضع الأمني وعودة جزئية للخدمات في بعض المناطق المحررة، الإ ان العديد من النازحين قرر البقاء في محافظات الاقليم الثلاث وعدم العودة الى مناطقهم لعدة أسباب أهمها ان الوضع الاقتصادي في كردستان أفضل مقارنة بالمناطق المحررة وهناك فرص عمل اكثر، اضافةً الى اسقرار الوضع السياسي والأمني وتوفر الخدمات من ماء وكهرباء وما يتعلق بالجانب الصحي.
الأجواء الايجابية تدفعهم للبقاء
وحصل الكثير من النازحين على فرص عمل في مدن اقليم كردستان بالقطاعات المختلفة خاصة الخدمية منها، وادخلوا ابناءهم في مدارس وجامعات الاقليم، وأسس بعضهم مشاريع وتجارة خاصة بهم، وهي عوامل تدفعهم لعدم العودة.
وتوجد في السليمانية العديد من المخيمات الخاصة بالنازحين ومنها (عربت، آشتي، سورداش) وتعيش فيها المئات من العوائل النازحة خاصة ذات الدخل المحدود، فيما تعيش العوائل ذات الدخل الجيد أو الموظفون والمتقاعدون منهم في داخل المدينة.
ويقول علي تحسين، وهو صحفي من محافظة الأنبار يسكن في محافظة السليمانية منذ ظهور تنظيم داعش الارهابي، ان “هناك عدة نقاط تدفع النازحين للبقاء في الاقليم بشكل عام والسليمانية بشكل خاص أهمها الشعور بالارتياح في كردستان والتعود على الأجواء والحياة الجديدة هنا والتي تنسجم مع أفكار وتطلعات الكثير من المواطنين وخصوصاً الطبقة المثقفة والعوائل المنفتحة”.
تكاليف المعيشة المناسبة
واستطرد تحسين في حديثه لـ”صباح كوردستان” ان “الكثيرين من الذين تعرضت منازلهم للهدم نتيجة العمليات العسكرية في محافظاتهم أو ممن لا يملكون منازل في الانبار، يعتبرون المعيشة هنا انسب فهناك رخص من ناحية الايجارات واسعار المواد الغذائية وغيرها، اضافة الى سيادة القانون في اقليم كردستان وهو ما يدفع الكثيرين للبقاء والعيش هنا وعدم العودة الى المناطق المحررة”.
وأكد ان الانفتاح الثقافي والحريات العامة لها دور ايضا “فالعوائل هنا تأخذ حريتها كاملةً من خلال التجوال والسفر، والمرأة تحررت من الكثير من القيود الاجتماعية وذلك سبب آخر، بل هو سبب رئيسي يدفع الكثيرين للبقاء وعدم العودة الى مناطقهم”.
واوضح “لو سألت النساء الأنباريات اللواتي عشن في السليمانية وعدن الى الانبار مؤخرا، هل يتمنون العودة الى السليمانية مجددا، فان الجواب سيكون نعم، والذين يقيمون هنا يتمنون الاستقرار كليا، لأن بيئة السليمانية مناسبة لهم، فقد استطاعوا من خلالها اخذ حريتهم والخروج للأسواق والمراكز التجارية دون وجود مضايقات او تحرش عكس ماموجود في مناطقنا الأصلية”.
مشاكل المناطق المحررة
فيما يقول صباح جاسم وهو رب أسرة نازحة من محافظة صلاح الدين، تسكن في مدينة السليمانية لـ”صباح كوردستان”، انه “بالرغم من تحرير مناطقنا من سيطرة داعش الارهابي إلا أن هذه المناطق مازالت تواجه العديد من المشاكل التي تجعل ديمومة الحياة فيها صعبة وأهمها قلة الخدمات وضعف الأمن”.
ويضيف ان “السليمانية توفر جميع مستلزمات الحياة لأي مواطن بالرغم من اختلاف اللغة والبيئة، إلا أن روح المدنية والتطور الذي فيها يشجع الإنسان أكثر على البقاء والعيش وعدم الرجوع الى المناطق التي لاتتوفر فيها مقومات الحياة”.
ت: س ن
المصدر: صباح كوردستان 30/4/2019