بعد الانتخابات البلدية تركيا… مع رفض نتائج اسطنبول واستمرار السياسات القديمة أزمات سياسية واقتصادية متوالية
الاهالي ريبورت
فيما تستمر المعركة “السياسية – القضائية” بشأن نتائج الانتخابات البلدية في اسطنبول كبرى المدن التركية؛ حيث يرفض حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب اردوغان، الاقرار بهزيمته هناك، ويطالب باعادة فرز الأصوات فيها، فان الاقتصاد التركي يواجه مصاعب كبيرة مع تراجع الاحتياطات النقدية واستمرار تراجع الليرة التركية ووصولها الى نحو 6 ليرات للدولار الواحد.
في سياق موازي، يحتدم الصراع السياسي بين حزب الشعوب الديمقراطي الممثل للكرد، وحزب العدالة التنمية الحاكم، فنحو سبعة آلاف كردي بينهم آلاف المعتقلين، يواصلون اضرابا عن الطعام لتحسين ظروف اعتقالهم واعتقال الزعيم الكردي عبدالله اوجلان، المسجون بشكل انفرادي منذ 20 عاما، ووقف المحاكمات السياسية، فيما يواصل آخرون احتجاجاتهم على قرار استبعاد بعض المرشحين الكرد الفائزين في الانتخابات البلدية ولدفع الحكومة التركية الى تغيير سياساتها التي يعتبرونها عدائية للكرد وللمكونات الأخرى غير التركية في البلاد.
وبعد سلسلة عمليات إعادة فرز للأصوات امتدت لأكثر من اسبوعين، ظل مرشح حزب الشعب الجمهوري يتقدم بنحو 14 ألف صوت على مرشح حزب العدالة في اسطنبول التي سيطر عليها الحزب الأخير وأسلافه لمدة 25 عاما. ثم أعلنت الهيئة الانتخابية التركية العليا فوز مرشح المعارضة اكرم امام اوغلو، والذي حظي بدعم الناخبين الكرد ما مكنه من الانتصار على، بن علي يلدريم مرشح حزب العدالة التنمية بزعامة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وحصل أوغلو من الهيئة الانتخابية على شهادة توثق فوزه في انتخابات 31 آذار، لكن طعن حزب العدالة والتنمية بالنتيجة مستمر، ومازال يطالب ببطلان نتائج اسطنبول واعادة الانتخابات فيها بحجة وجود “مخالفات” بالجملة حصلت بطريقة “منظمة”.
الرفض والطعون مستمرة
وقبل اسبوع رفض المجلس الأعلى للانتخابات مطلب حزب العدالة والتنمية بحذف اصوات الشخصيات التي كانت قد عزلت من مناصبها الرسمية أثناء حالة الطوارئ التي فرضتها تركيا في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 . لكن حزب العدالة يأمل الموافقة على مطلبه بمراجعة أسماء الموظفين المشاركين في الرقابة على الانتخابات ومراجعة أسماء نحو 40 ألف ناخب يقول الحزب بأن أسماءهم ظهرت في قوائم الانتخابات رغم كونهم متوفين أو معاقين ذهنيا، ويتطلع ان يقلب ذلك النتائج لصالحه.
وقال أردوغان، خلال خطاب له في أنقرة، السبت، ان “مخالفات منظمة” ارتكبت للتأثير على سير الانتخابات، مضيفا: “المئات من الموظفين في بنوك “إيش بنك”، و”بنك شكر”، و”بنك غارانتي” كانوا في الخدمة (كمسؤولين في الانتخابات)”. وتابع: “هذا أمر غير مسبوق وغير مقبول”، حسب ما ذكر موقع وكالة “بلومبيرغ” الأميركية.
من جانبه، أصدر “إيش بنك” بيانا على “تويتر”، قال فيه إن “أي موظف عمل كمسؤول في الانتخابات، فعل ذلك بناء على طلب من السلطات، وليس توجيهات من إدارة البنك”.
مواجهة الخصوم داخل الحزب
ولم يكتف أردوغان بإطلاق الاتهامات ضد منافسي حزبه ليبرر الخسارة في اسطنبول، بل اعلن عن مواجهة خصومه داخل حزب العدالة نفسه.
وقال الرئيس التركي: “بينما نقاتل في الخارج ينبغي أن أقول أن هناك أشخاصا يسيئون لنا في الداخل أيضا”، حسب ما ذكرته وكالة رويترز.
وأضاف: “جميع المعلومات تصلنا، ما يحدث في كل إقليم وكل منطقة.. من أجل مستقبل هذه المنظمة سنحاسبهم. لن نتحمل تبعات أفعالهم”، إلا أنه لم يذكر الخطوات التي سيتخذها.
وشدد أردوغان: “سنواصل معركتنا القانونية حتى النهاية. من المؤكد أن هناك عملية احتيال. علينا أن نحل هذه القضية حتى يتحقق السلم”.
ورغم خسارة “العدالة والتنمية” لأبرز مدن تركيا، ومن بينها العاصمة السياسية أنقرة، وعدم نجاحه في إزمير معقل المعارضة، وولايات أنطاليا وأضنة وهاطاي، إلا أنه حافظ على تصدره الانتخابات في عموم تركيا بفارق كبير عن المعارضة، إذ حافظ على نسبة 44.33% من الاصوات، فيما بلغ مجموع أصواته مع حلفائه 51.6%..
ويرجع محللون سبب خسارة حزب العدالة لاسطنبول وكبرى المدن التركية، الى تراجع الاقتصادي التركي فضلا عن “سياسات العداء” للكرد الذين صوتوا ضده، مع تراجع سقف الحريات في ظل قرارات فصل نحو 150 ألفا من العاملين بالحكومة وأفراد الجيش أو وقفهم عن العمل لاتهامهم بالتورط في محاولة الانقلاب، الى جانب اعتقال أكثر من 50 ألف شخص وزجهم في السجون في انتظار محاكمتهم.
تراجع مستمر في الليرة
وفي ظل استمرار المعارك السياسية – القضائية، تراجعت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها، بفعل التوتر مع الولايات المتحدة على خلفية القرار التركي بشراء منظومة s400 الروسية، ونتيجة التوتر السياسي واحتمال اعادة انتخابات اسطنبول ما يلقي بظلال من الشك بشأن مستقبل تركيا. ويقول محللون اقتصاديون اتراك، ان الليرة ستواجه صعوبات كبيرة، بفعل التصعيد من واشنطن وتهديد الاخيرة بفرض عقوبات على انقرة، والمشاكل السياسية الداخلية، مع استمرار تناقص احتياطيات البلاد المالية فضلا عن تأثر المعنويات حيال خطة إصلاح اقتصادي.
وتراجع سعر صرف الليرة الى نحو 5.95 للدولار الواحد بعد تراجع صافي الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي إلى 27.94 مليار دولار في الخامس من نيسان، من 29.72 مليار دولار قبل ذلك التاريخ بأسبوع. ويقول المحللون إن الأتراك يحولون مدخراتهم إلى العملات الأجنبية بما ينبئ بتراجع الثقة في الليرة.
تصريحات احمد داود اوغلو
ومع صدمة الهزيمة في اسطنبول وردود الفعل حولها، هاجم أحمد داود أوغلو، الرئيس التركي، واتهمه بتغيير سياسات الحزب وفرض القيود على وسائل الاعلام، والتحالف مع المتشددين والحاق الضرر بالمؤسسات وبالفصل بين السلطات.
وقال رئيس وزراء تركيا السابق (2014 و2016) أحمد داود أوغلو، الذي تتردد اخبار عن سعيه لتشكل حزب جديد، إن التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية أضرّ بالحزب “تظهر نتائج الانتخابات أن سياسات التحالف أضرت بحزبنا سواء على مستوى الأصوات أو كيان الحزب”.
وفي أول انتقاد علني يوجهه أوغلو لأردوغان منذ ترك منصبه قبل ثلاثة أعوام، ندد: بسياسات الحزب الاقتصادية والقيود التي يفرضها على وسائل الإعلام والضرر الذي قال إنه لحق بالفصل بين السلطات وبالمؤسسات.
وقال إرغون باباهان، مدير تحرير القسم الإنكليزي في موقع “أحوال تركية”، معلقا عن كلام اوغلو: “طبقاً لواقع تركيا الحالي، يعتبر بيان داوود أوغلو مهم للغاية لأنه يدل على أن سياسة الخوف التي يتبعها أردوغان قد انتهت. نحتاج إلى المزيد من الناس الذين يرفعون أصواتهم ويقولون الحقيقة عن تركيا. نأمل أن نشهد قريباً على ميلاد حزب جديد تحت قيادة علي باباجان وقيادة التوجيه السياسي لعبد الله غول. وهذه تعتبر تطورات مهمة لأن تركيا تتمتع بنوع من النظام شبه الفاشي لا يمكنك التغلب عليه إذا لم تتحد من أجل الديمقراطية وسيادة القانون، حتى مع أشخاص لا تتفق معهم”.
فيما قال ياوز بيدر، رئيس تحرير موقع “أحوال تركية” ان خطاب احمد داود اوغلو كان حاسماً في كثير من النقاط لكنه يفتقر إلى أي ذكر لأكبر مشكلة في تركيا: وهي القضية الكردية. واليوم يتساءل الكثيرون عن توقيت هذه الحركة، لأن أردوغان على الرغم من النكسة التي لحقت به، ما يزال يحمل كل الأوراق بيده لهندسة العملية السياسية وموازين القوى”.
الأزمة مع الكرد
ويعتبر محللون وسياسيون كرد، ان ما تواجهها تركيا من صعوبات اقتصادية وأزمات سياسية، هو نتيجة مباشرة لسياسات حزب العدالة والتنمية الرافضة للاعتراف بالحقوق الكردية والماضية في التشدد واحتكار السلطة وتضييق الحريات واعتقال المعارضين، خاصة بعد تحالف الحزب مع حزب الحركة القومية المتشدد والرافض للآخر.
وذكر برلمانيون من حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للكرد، وهو ثالث اكبر حزب في تركيا، ان السياسات ضد الكرد متواصلة، وآخرها ابعاد عدد غير قليل من الفائزين منهم في الانتخابات الأخيرة ومنعهم من تسلم البلديات التي فازوا فيها.
وكانت الهيئة الانتخابية العليا، قد قررت ابطال نتائج فوز مرشحين لحزب الشعوب في المناطق ذات الغالبية الكردية، كونهم ابعدوا سابقا وبقرار حكومي عن رئاسة البلديات بالمناطق الكردية، رغم ان الهيئة سمحت لهم بالترشح للانتخابات، وهو ما أثار غضب الناخبين الكرد.
وذكر نواب ومؤيدون للحزب ان الهيئة تقول بقرارها ذلك (ان من حق الكرد الترشح للانتخابات لكن ليس من حقهم الفوز فيها). ونظم الحزب سلسلة احتجاجات ضد القرار في عدة مدن بينها دياربكر، حيث اصيبت فيها النائبة الكردية رمزية توسون بكسور، وأغمي عليها قبل نقلها إلى المستشفى.
اضرابات حتى الموت
يأتي ذلك فيما تستمر حملة الإضراب عن الطعام التي بدأتها البرلمانية المعتقلة ليلى كوفن، إلى جانب العديد من السياسيين الكرد في تركيا بهدف اجبار الحكومة التركية على تغيير سياساتها ضد الكرد وظروف الاعتقالات والمحاكمات في عموم البلاد، وسط تصاعد التقارير الدولية المنتقدة لسجل تركيا في مجال حقوق الانسان والحريات.
وتواصل ليلى كوفن الاضراب عن الطعام منذ اكثر من 170 يوما، وهو ما يجعل حياتها مهددة في اي لحظة، فيما يضرب عن الطعام عضو حزب الشعوب الديمقراطي في السليمانية “ناصر ياغز” منذ نحو 160 يوما، وتتواصل حالات الإضراب المتناوب في اربيل بمشاركة مجموعة تضم 77 شخصا. وفي مخيم بلدة مخمور، يواصل كرد من تركيا الاضراب منذ 130 يوما. ويضرب عن الطعام آلاف آخرون في تركيا داخل السجون وخارجها.
موت الديمقراطية
وعلى خلفية تفاقم الأزمات في تركيا وبشكل خاص ما يتعلق بافق الديمقراطية والحريات والعملية السياسية والانتخابية، يقول الكاتب التركي جنكيز أكتار في مقال نشر على موقع “أحوال تركية” ان “الديمقراطية في تركيا ماتت منذ سنوات وليس اليوم”، مبينا أن غلق الابواب امام الكرد وعد تغيير طبيعة النظام في تركيا يمنعان من ولادة “سياسة جديدة” في تركيا حتى مع فوز المعارضة بالانتخابات.
يقول الكاتب: “بادئ ذي بدء، جددت الكتلة المعارضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان والنظام في تركيا، والتي يصل حجمها إلى نصف المجتمع، إيمانها بأنه يمكن تغيير النظام عبر الانتخابات. وسواء كانت هناك انتخابات مبكرة ستجرى في المستقبل القريب أم لا، ينبغي الحفاظ على دينامية 31 مارس التي أُطلقت في الانتخابات المحلية، لكن هل يمكن للمعارضة أن تحول هذه الدينامية إلى سياسة بديلة دون أن تفتح ذراعيها للأكراد أو تغير مفهومها للنظام؟”.
ويجيب أكتار:”بالطبع لا. ذلك أن من المستبعد أن تجتمع سائر أطياف المعارضة مع ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في منصة سياسية واحدة. إنه طريق ذو اتجاه واحد فحسب، يقدم فيه حزب الشعوب الديمقراطي يد العون للآخرين، وتلك خطوة تكتيكية في المقام الأول. أما النظام على الجانب الآخر فهو نظام شمولي، وحزب الشعوب هو الحزب الوحيد الذي يفهم هذه النقطة ويعرب عنها”.
التخلي عن الكرد
ويتابع الكاتب “أظهرت جميع استطلاعات الرأي الجدية، فوز أكرم إمام أوغلو بمنصب رئيس بلدية إسطنبول في الانتخابات المحلية بفضل أصوات ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي. وهذا هو الحال أيضا في كل من أضنة وأنقرة وأنطاليا ومرسين. وعلى الرغم من ذلك، ما من شيء يشير إلى أن المعارضة “الوطنية” استوعبت تلك الحقيقة. فحزب الشعوب تُرك لحاله وحيدا في المدن التي يقطنها الأكراد، وخمسون من بين رؤساء البلديات السبعين المنتخبين منه لا يزالون ينتظرون شهادات انتخابهم من المجلس الأعلى للانتخابات لتولي مناصبهم رسميا”.
ويضيف أكتار منتقدا صمت المعارضة على حرمان الكرد من الفوز :”لم ترفع أحزاب المعارضة الأخرى صوتا واحدا بشأن شهادات الفوز في الانتخابات التي حُرم منها رؤساء البلديات المنتمون لحزب الشعوب الديمقراطي، ولا بخصوص قرار المجلس الأعلى للانتخابات الذي يقضي بأن رؤساء البلديات الذين سبق فصلهم من وظائف في القطاع العام ليسوا مؤهلين لاستلام مناصبهم، ولا حيال رفض المجالس الانتخابية المحلية طعون حزب الشعوب الديمقراطي على مخالفات واضحة، في حين أن حزب الشعب الجمهوري يثير ضجة كبيرة في إسطنبول بسبب تلكؤ المجلس الأعلى للانتخابات في إصدار شهادة الفوز في الانتخابات لرئيس البلدية المنتخب!”.
ويرى أكتار ان ما حدث أمر غير مفاجئ: “لا ليس مفاجئا بالمرة. فقد حُرم حزب الشعوب من صفة المعارضة السياسية الرسمية في تركيا. وتلك المعارضة الوطنية لا تختلف عن الحكومة، التي تعاملت بوضوح مع ناخبي حزب الشعوب قبل الانتخابات على أنهم أجانب وغير مواطنين”.
ودعا أكتار صناع القرار في حزب الشعوب الى التفكير في الأمر، معربا عن أسفه بأن الأصوات التي يجري الإدلاء بها لأهداف تكتيكية تؤثر على نتائج الانتخابات فقط ولا تمتد على التحالف السياسي خارج ذلك النطاق. ويضيف “بالطبع لايعني هذا أن التحالف التكتيكي ليس مهما، لكن من الواضح أنه لا يمثل نجاحا لسياسة حزب الشعوب الديمقراطي الذي يفتح ذراعيه لتركيا بأسرها”.
فوز بلا قيمة حقيقية
ويشكك الكاتب بأهمية وجدوى الفوز الذي تحقق للمعارضة في المدن التركية الكبرى: “إذا أردنا الخوض في الحديث عن الحكومات المحلية أيضا، فجدير بالذكر أن الحكومة المركزية تتمتع بسلطات تمكنها من بسط نفوذها الإداري والمالي والقانوني على البلديات التي تفوز بها المعارضة الوطنية. سرعان ما سنرى القيود التي تواجهها تلك البلديات في اتخاذ القرارات. فنشوة النصر لا تزال طاغية في الوقت الحالي”.
ويتابع :”على الجانب الآخر، تجاوز وضع أكرم إمام أوغلو مستوى الحكومات المحلية، وبرز فجأة بوصفه زعيما جديدا للمعارضة في تركيا، غير أن هذا الوضع لن يدوم طويلا بالنظر إلى حدود سلطات رئيس البلدية وحزبه والنظام السياسي ككل. وفي اللحظة التي حصل إمام أوغلو على شهادة الفوز في الانتخابات التي تمكنه من تولي منصب رئيس البلدية رسميا، وجد نفسه تحت الوصاية المالية والإدارية بالإضافة إلى الضغوط القضائية. وزعمه ببدء عهد جديد في إسطنبول لا أساس له”.
وانتقد الكاتب رؤية قادة الرأي التابعين للحكومة والمعارضة، بشأن ما يصفونه بإعادة “اختراع الديمقراطية” اعتمادا على نتائج الانتخابات الأخيرة، قائلا “لقد التف أبناء المعسكرين المتنافسين حول موقف مشترك تجاه هذه المسالة. ففي حين يقول معلقو الحكومة إن مجرد وجود الانتخابات يشير إلى وجود الديمقراطية التمثيلية، روج المعارضون للنتائج بنشر خرافة تقول إن هذه الانتخابات “برهنت على متانة الديمقراطية التنافسية التركية”. ويقول جناح آخر للمعارضة إنه في ظل انتظار النتيجة النهائية لرئاسة بلدية إسطنبول، تتأرجح الانتخابات بين الشرعية واللاشرعية، وتقف تركيا عند مفترق طرق بين الديمقراطية والسلطوية”.
ويصف اكتار، تلك الرؤى بانها “هراء يُقال في وقت أصبحت فيه البلاد مكبا لدفن سيادة القانون والعدالة وتحولت فيه إلى إمبراطورية للشر”.
الانتخابات والشرعية
ويضيف: “لم يرغب أي من هؤلاء المعلقين أن يرى أن النظام قد قضى على شرعية نتيجة الانتخابات في 7 حزيران 2015، حين فقد حزب العدالة والتنمية الحاكم أغلبيته في الانتخابات البرلمانية ودعا إلى انتخابات مبكرة. ومنذ ذلك الحين، لا تحمل الانتخابات صبغة الشرعية إلا إذا فاز فيها النظام”.
وينبه أكتار :”إذا كانت الديمقراطية هي تسليم السلطة عند خسارة الانتخابات، فإن هذا المعيار الشديد البساطة لم يُطبق في 7 حزيران 2015. وللمرة الأولى رفض النظام نتائج التصويت الشعبي، الذي يشكل الركيزة الأساسية لشرعيته. هذا ما وصلت إليه المعايير الديمقراطية التركية… ولا يمكن القول ان البلاد تمر بمنعطف دقيق للديمقراطية، بينما هي في الواقع تندفع بأقصى سرعة نحو جدار قائم في نهاية طريق أحادي الاتجاه… في ظل غياب أي بديل سياسي في الأفق”.
ويخلص الى القول :”يمكن القول إنه مع انتخابات 31 آذار، تمكن النظام من تعميق مستنقع السياسة الاقتصادية والخارجية للبلاد. فقد أكدت أن هذا النظام الرئاسي التنفيذي الفظيع، الذي يجمع كل السلطات في يد رجل واحد ويتجاهل سائر المؤسسات الأخرى، يقود إلى كارثة. ولقد تعثر هذا النظام على الرغم من القرارات السريعة التي اتخذتها السلطة الوحيدة”.
س ن