بسبب فيروس كورونا.. السليمانية تتحول الى مدينة اشباح صباح كوردستان/ السليمانية
للمرة الاولى يمر فيها احمد من سيطرة طاسلوجة في مدخل مدينة السليمانية بهذه السهولة فالمدخل خالي من الناس ورغم انه من سكنة بغداد كثيري التردد على السليمانية للسياحة الا انه لم يشاهدها كما رآها هذه المرة، فالسليمانية وكأنها مدينة اشباح بسبب فيروس كورونا القادم لها من ايران.
يقول احمد الربيعي: “حاولت استغلال العطلة الاجبارية التي منحت لنا من وظائفنا وأعمالنا بسبب الاجراءات ضد مرض كورونا لقضاء اوقات جميلة في الاجواء الربيعية التي تعيشها السليمانية وعموم مدن كردستان هذه الايام، ولكني تفاجأت اني ازور مدينة خالية من الحياة”. ويضيف: “من مدخل طاسلوجة وحتى وصولي شارع سالم وسط المدينة لم ارى الا اناس قليلين وسيارات اقل”. اين ذهب اهالي السليمانية؟ بهذا السؤال اختتم احمد حديثه، فبادر صديقه محمد رضا مجيباً وهو من اهالي السليمانية ويقيم عندهم أحمد خلال زياراته: “بالقرب من بيتي اكثر من خمس بيوت فارغة الان لان اهاليها سافروا الى اقربائهم في القرى المحيطة بمدينة السليمانية بعد انتشار المرض في المدينة، فأهالي السليمانية صعقوا بخبر وفاة الشيخ جامع (محوي) جراء المرض وكانت هذه اول حالة وفاة لشخص مصاب بمرض كورونا ليس في السليمانية فقط بل على مستوى العراق ككل”.
وكان امام مسجد (محوي) وسط السليمانية، قد توفي عن عمر 63، يقول فريدون حسن، مدير اوقاف السليمانية: “رجل الدين كان يعاني من وضع صحي غير مستقر حين تم نقله الى المستشفى، وتوفي يوم 4 اذار”. وهو الامر الذي دعى الى قيام الاوقاف بمنع النشاطات الدينية وأبرزها صلاة الجمعة لمنع التجمعات التي تسبب في نقل العدوى بين المصلين.
محطة احمد الثانية كانت في واحد من مراكز التسوق المشهورة في المدينة ( المولات) وهناك كانت اجراءات الفحص عند المدخل مع حملات لتعقيم الاماكن وفق اجراءات صارمة، ولكن كل ذلك كان من دون وجود اناس داخل المول، يقول احمد: “تفاجأت لمنظر المحلات داخل المول وهي تخلو من الزائرين، بالفعل هذه مشاهد مؤلمة لتوقف الحياة في المدينة”. اما سردار صالح وهو عامل في احدى محال بيع الملابس فيقول: “منذ وفاة حالة الاصابة الاولى بكورونا هنا في السليمانية والرعب دب بين الناس، ورغم ان المول مفتوح للزوار إلا ان القادمين يوميا يعدون على اصابع اليد الواحدة”.
كان من المقرر ان يقوم احمد وأصدقائه بسفرة سياحية في اليوم التالي قبل ان تصدر حكومة اقليم كردستان قرارات تتعلق باحتواء فايروس كورونا ومنها غلق المرافق السياحية، يقول صباح هورامي مدير صحة السليمانية: “لدينا شكوك بوجود حالات كثيرة مصابة بالفيروس لذلك نرجو من المواطنين البقاء في منازلهم قدر الامكان”.
يمتاز اهالي المدينة بوعي صحي مميز كان احد اسباب السيطرة على المرض ولكنه كان ايضاً احد اسباب خلو المدينة من الناس، يقول يوسف سعيد وهو من اهالي كركوك القاطنين في السليمانية: “ارى في وجوه الناس الرعب من موضوع مرض كورونا وكذلك اجراءاتهم ضده دقيقة وربما تكون مبالغ فيها، فالناس مكثت في البيوت والبعض سافر خارج المدينة واعتقد ان الامر مبالغ فيه جداً وبنفس الوقت هو امر صحي ومفيد للجميع”.
بعد يومين داخل المدينة الخالية قرر احمد العودة الى بغداد قبل ساعات من قرار رقم 15 لسنة 2020 الصادر من وزارة الداخلية في اقليم كردستان القاضي بإيقاف التنقلات للمواطنين بين محافظات الإقليم من جهة ومع باقي محافظات العراق من جهة اخرى، يقول احمد معلقاً: “صدر القرار قبل يومين من موعد التنفيذ مما اتاح للكثيرين من اهالي المحافظات المتنوعة العودة الى بيوتهم، وانا استغليت الامر وقررت العودة الى بغداد تاركاً هذه المدينة الجميلة لوحدتها وخلوتها”.
وبعد سفرة هي الاقصر قفل احمد عائداً الى بغداد تاركاً في مخيلته ذكرى هي الاصعب على ذاكرته تجاه مدينة السليمانية التي يعشقهاً وتاركاً المدينة وهي تغص في نوم عميق سيستمر لايام قادمة ريما سيكون هذا السبات هو المنقذ من فيروس كورونا الذي جعل العالم بأسره مرعوباً منه وليس لسكان السليمانية فقط.
أ. ف