الى أمي اسماعيل هاجاني ترجمة: ماجد الحيدر
أنبوب تغذية في الأنف
وآخر في اليد
وكمامة أوكسجين على الأنف.
…
من يعرف كم تتألمين؟
ومتى كان للألم مقياس؟
غير أنني أعلم علم اليقين
بأنك حزمتِ صرّتك
وهممتِ بالرحيل.
…
لكن يديك تكرهان
أن تتركا صغيرا وحيدا.
…
هذا القليل من الحول
الجاثم في صدرك
هو أنفاسي.
هذي البسمات المرسومة على وجهك
وأنت في غيبوبتك
صدى صوتي.
أعلم أن أصابعك
ستحن لمسح شفافي النديّة.
إنه الربيع يا أماه.. إنه الربيع
موسم الأنهار الدافقة
موعد الآباء والأجداد
وستأتي الأغنام للحلب
وتسأل أين حلابة سهلنا
ويقول آخرون قد رحلت الى الجنان
وتركت إناء حليب فارغا وحيدا
ويتيما منكسرا بين الصحاب.
…
الى الموت سأبقى قليل الوفاء
قليل الوفاء يا أماه!
ذهبت الى سوق “حسن باشا”
وبحثت بين الأقمشة
فلم أجد قفطانا يليق بك
ذهبت الى الشام وحلب
وبحثت في زحام الأسواق
فلم أجد مكحلة تستحق عينيك
وسافرت يا أمي الى برلين
فما وجدتُ (وآه لهذا الجرح)
ما يليق بك
غير علب الأدوية والحبوب
..
جاء الربيع وتقاطرت الحلابات
وكلهن في أجمل الزينة والثياب
وأنت وحدك الغائبة.
…
ما كنتُ، أماه، إن لم تكوني
فأفسحي لي مكانا بقربك.
مرّة هي الحياة
ولذيذ هو الموت
لذيذ هو الموت يا أمي!