الاهالي ريبورت:
أعلن المجلس الروحاني الإيزيدي الأعلى في العراق، رفضه ضم أطفال النساء الإيزيديات اللائي تم خطفهن واغتصابهن من عناصر تنظيم داعش إلى الطائفة الإيزيدية، بعد أسبوع على ترحيبه بعودة الناجين من قبضة التنظيم واعتبار ما جرى بحقهم “خارجا عن إرادتهم”، في وقت اشار مسؤولون ايزيديون الى عوائق دينية واخرى قانونية تمنع ذلك.
وقبل أسبوع، أصدر المجلس قرارا قضى “بقبول جميع الناجين” من قبضة التنظيم الارهابي و”اعتبار ما تعرضوا له خارجا عن إرادتهم”. مشيرا إلى إيفاد رجال دين إلى سوريا “لمتابعة موضوع المخطوفين والمخطوفات” بهدف “البحث عنهم وإعادتهم”، لكنه عاد وأصدر الأحد، توضيحا أكد فيه أن قرار قبول الناجيات وأطفالهن “لم يكن يعني بتاتا الأطفال الذين ولدوا نتيجة الاغتصاب، بل المعنيون هم الأطفال المولودون من أبوين إيزيديين والذين تم اختطافهم إبان غزو داعش لمدينة سنجار”، وفق فرانس برس.
ويصل عدد الايزيديين، وهم اقلية يتركز وجودها في محافظتي نينوى ودهوك، الى أكثر من نصف مليون شخص، وكان الآلاف منهم قد تعرضوا للقتل والخطف على يد تنظيم داعش اثناء سيطرته على مناطقهم وبشكل خاص مدينة سنجار.
وناصب تنظيم داعش الذي اجتاح مساحات شاسعة من العراق وسوريا في 2014، العداء الشديد للايزديين، واعتبر أفرادها “كفارا”. وقتل أكثر من الفي ايزيدي في سنجار ومحيطها وأرغم اكثر من 350 الف آخرين على الهرب الى اقليم كردستان وخارج العراق، فيما احتجز آلاف الفتيات والنساء واستعبدهن جنسيا.
ولا يعترف الإيزيديون بطفل ضمن طائفتهم إلا إذا كان لأبوين إيزيديين، خصوصا أن هذه الأقلية الدينية مغلقة لا تسمح لأي شخص من ديانة أخرى باعتناقها، كما لا يسمح القانون العراقي بتسجيل الاطفال كايزيديين كونهم من آباء مسلمين، فضلا عن مشلكة منحهم الجنسية العراقية.
لا ارقام رسمية
ولا يسجل الأطفال الذين أنجبتهم نساء إيزيديات اغتصبن من مقاتلي داعش، لدى السلطات العراقية. حتى إنه لا يوجد حتى الآن أرقام رسمية تشير بشكل واضح إلى عدد أطفال الإيزيديات، أو عن عدد الأطفال غير المسجلين في الدوائر الحكومية العراقية منذ 2014.
وبحسب آخر إحصاء للمديرية العامة للشؤون الإيزيدية في وزارة أوقاف إقليم كردستان العراق، فإن عدد المخطوفين الإيزيديين بلغ 6417، نجا منهم 3425 شخصا، بعضهم عاد إلى العراق بعد سقوط آخر جيب للتنظيم المتطرف في منطقة الباغوز في شرق سوريا. ولا يزال مصير الباقين مجهولا.
ويشير موقع (درج) المعني بشؤون الشرق الاوسط، الى غياب اي إحصائيّة رسميّة عراقيّة أو من المنظمات الحقوقيّة او الجهات الرسمية في اقليم كردستان، او من الادارة الكردية في سوريا عن أعداد أطفال الفتيات الإيزيديات، من الذين وُلِدوا في كنف التنظيم.
وينقل الموقع عن النائبة الإيزيديّة السابقة في البرلمان العراقي فيان دخيل، قولها : “لا توجد لدينا أعدادٌ دقيقة حول الأطفال. موضوع الأطفال يرتبط بمسائل عشائريّة والثقافة العامة في الشرق الأوسط ككُل. في بلدٍ مثل العراق وبخاصة مُجتمع مثل المجتمع الإيزيدي، حتّى لو كان ثمّة إحصائيّة ما، فبكل تأكيد لن تكون واضحة وصريحة للعلن”.
وتوقّعت دخيل وجود عدد من الأطفال في دارٍ للأيتام في مدينة الموصل وفي بغداد، مبينة ان المشكلة مزدوجة “فالديانة الإيزيديّة ديانة مُغلقة، ولا يمكن اعتبار الشخص إيزيدياً إلا إن ولد لأبوين إيزيديين”.
ديانة مغلقة وقانون عاجز
وتضيف انه وفق القانون العراقي “إذا كان أب الطفل أو أمّه من المسلمين، فالطفل يبقى مسلماً، حتّى لو كان نتيجة جريمة اغتصاب، وإن كانا من عناصر داعش. فالمُشكلة من جهتين حول تسجيل هؤلاء الأطفال على أنّهم إيزيديون: الأولى أنّ الديانة الإيزيديّة وشرائعها مغلقة، والثانية أنّ المسألة لها بُعد قانوني بالنسبة إلى الدولة العراقيّة”.
وتوضح دخيل أن “ثمّة عوائل تقبّلت الموضوع، لكن بالمُقابل هناك بعض العائلات التي لا يمكن أن تتقبّل هذه الحالة”. ولا تلوم دخيل العوائل الرافضة قبول الأطفال، وتعلّل ذلك: ”لأننا نعيش في مجتمع عشائري مغلق، هذه هي العادات والتقاليد، والكل متفهم أن هذا لم يكن ذنب هؤلاء الفتيات بتعرضهن للاغتصاب، لذلك على الدولة وعلى المجتمع الدولي أيضاً حل هذه المشكلة، وليس فقط عوائل الفتيات، العوائل أيضاً تحت الضغط، سواء ضغط الدين، أو ضغط القوانين الموجودة، أو ضغط المجتمع”.
وترى ان “المجتمع الدولي يستطيع أيضاً المساعدة في حل هذه المشكلة، وأيضاً الحكومة والدولة العراقية، ولكن حتى الآن لا توجد أي خطوات واضحة في هذا الإطار”.
من جهته وثّق مكتب شؤون الكرد الإيزيديين في وزارة أوقاف إقليم كردستان العراق، حتّى الآن، 6 حالات لأطفال ولدوا لنساء إيزيديات لآباء من مسلحي “داعش” في فترة الاختطاف.
ويقول جميل محسن، وهو ناشط كرديّ مهتم بقضايا الإيزيديين، أنّ أي جهة حكوميّة أو مجتمعيّة لم تصدر أرقاماً وإحصائيّات في هذا الصدد بسبب رفض عوائل الضحايا ذلك، وتتحفظ الجهات الرسمية أيضاً على ذكر معلومات حول أعداد الأطفال، كون المسألة تعتبر من الملفات المجتمعيّة السريّة.
الوضع القانوني للأطفال
وبدوره يؤكد مدير عام شؤون الكرد الإيزيديين في وزارة أوقاف إقليم كردستان، خيري بوزاني، أن قضية قبول الأطفال في المجتمع الإيزيدي تواجه أيضا معضلة قانونية “حتى لو تم قبولهم مع أمهاتهم بين العوائل الإيزيدية في الوقت الحالي، إلا أنهم سيواجهون مستقبلاً عوائق قانونية، فحين استصدار الوثائق الرسمية لهؤلاء الأطفال، وبحسب القانون العراقي الذي يعتبر الديانة الإسلامية مرجعاً له، هؤلاء الأطفال سيسجلون على أنهم مسلمون، والقانون سيطلب أن تتحول أمهاتهم أيضاً إلى الديانة الإسلاميّة، ولهذا السبب نقول أننا أمام معضلة كبيرة”.
ويشرح الناشط المهتم بقضايا الإيزيديين، جميل محسن الوضع القانوني لهؤلاء الأطفال: “نستطيع تقسيمهم لقسمين بحسب قانون الجنسية العراقي، من ولد لأم عراقية وأب مجهول، فهو عراقي وفي هذه الحالة سيحصل على الجنسية، أما من ولد لأم عراقية وأب مجهول خارج العراق كأطفال الفتيات الإيزيديات المختطفات، فهؤلاء من أمهات عراقيات إيزيديات وآباء مجهولين أو بلا جنسية، وولدوا خارج العراق في سوريا مثلاً، فهؤلاء سيواجهون مشكلة، ولن يحصلوا على الجنسية العراقية، وفي هذه الحالة هم مجبرون على الإقامة في العراق حتى يبلغوا 18 سنة، وسيتقدمون بطلب خطي لوزير الداخلية كونه الوحيد الذي لديه الصلاحيات للبت في هذا الموضوع، وهنا سيكون الأمر مرتبطاً بموافقة الوزير، فللوزير في هذه الحالة السلطة التقديرية لمنح الشخص الجنسية أو عدم منحه إياها، التي تسمى الجنسية المكتسبة، وستكتب في خانة الديانة، أنه مسلم، واسم الأب سيكون مستعاراً وهذا يكون للذين ولدوا داخل العراق والذين ولدوا خارجه أيضاً، وهنا نكون أمام مشكلة كبيرة”.
واضطّرت إيزيديات إلى ترك أطفالهن لدى عوائل التنظيم، سواء تلك العائلات التي كنّ يعملن عندها او عوائل مغتصبيهن من مسحلي التنظيم، وذلك ليتمكنّ من العودة إلى عائلتهن ومجتمعهن الإيزيديّ، في مقابل وجود حالات لنساء قررن الاحتفاظ بأطفالهن، بمساعدة منظمات محليّة ودوليّة تهتمُّ بشؤونهنّ وأطفالهن.
س ن