2024-11-28

قطاع النفط باقليم كردستان بين فوائد الفرص الاستثمارية ومخاطر التجاذبات السياسية

gaaaz

الأهالي ريبورت/ عمر عادل
تخوض عدد من شركات النفط العالمية سباقاً للظفر بعدد من الفرص الاستثمارية في القطاع النفطي بإقليم كردستان خاصة أن هذا القطاع مازال في طور تطوير بنيته التحتية وفق أسس علمية من خلال مشاركة شركات عالمية لها خبرة كبيرة في مجال التنقيب والتكرير، في وقت يأمل الاقليم ان يصبح رقما مهما على خريطة الانتاج العالمي للنفط ويؤمن بذلك موارد مالية كبيرة له.
وفي وقت يعتبر مواطنون أن الاستثمار في الثروة النفطية سيعود بآثار اقتصادية وحتى سياسية إيجابية على إقليم كردستان، ينبه خبراء اقتصاديون الى أن سيطرة شركات أجنبية على الموارد الطبيعية في الإقليم ومن خلال عقود شراكة طويلة سيمكن تلك الشركات من فرض إملاءاتها على الاقليم وبما يجبره على اتخاذ مواقف تتفق مع رغبة الحكومات التي تقف خلف تلك الشركات.
وحسب ما ذكرته جريدة صباح كوردستان العراقية في عددها ليوم 18/6/2018 يقول المهندس إياد ياسين الذي يعمل في إحدى شركات النفط المحلية بأربيل إن “تفويض الشركات النفطية العالمية الكبرى من قبل حكومة الإقليم للعمل والاستثمار في الثروات الطبيعية غير المستغلة التي تزخر بها أراض كردستان سيعطي الاقتصاد دفعة كبيرة وسيعزز البنية التحتية التي ماتزال قيد التأسيس والإنشاء وفق مواصفات عالمية”.

فائدة متبادلة
ويشير الى استفادة الطرفين من تلك الاتفاقات اذا ما تم إبرامها وفق مدد زمنية محددة تضمن حصول الشركات على الأموال التي تستثمرها في هذه الصناعات وتضمن في الوقت ذاته لإقليم كردستان فرصة أن يكون سيد الموقف بعد انتهاء عقود تلك الشركات، واكمالها لإنشاء بنية قوية لصناعته النفطية تجعل من آباره صالحة للإنتاج والاستخراج.
ويوضح ياسين أن “دول الخليج الغنية بالنفط بدأت العمل في صناعاتها النفطية بنفس الطريقة التي ينفذ إقليم كردستان خططه المتعلقة بهذا القطاع، وبعد عقود من الزمن انتفت حاجة تلك الدول إلى وجود الشركات الأجنبية حيث تم تأسيس شركات نفط وطنية تقوم بمهمة إدارة الثروات بشكل مستقل عن تلك الشركات التي بات دورها مقتصراً على الاستشارات والتطوير بعد أن تم إعداد طاقات شبابية وطنية تدربت على العمل في الصناعات النفطية لتحل تدريجياً محل الخبراء الأجانب”.
ويضيف أن “المرحلة التالية التي ستأتي بعد عمليات التنقيب والاستخراج والتكرير يجب أن تتمثل في إنشاء البنية التحتية للصناعات البتروكيمياوية التي تعتمد بشكل مباشر على تطور صناعة النفط في أي مكان في العالم مما يتطلب استثمار المزيد من الطاقات الواعدة ويوفر الكثير من فرص العمل للعديد من التخصصات الفنية والعلمية والإدارية”.

روسنفت الروسية توسع اعمالها
وأعلنت شركة روسنفت النفطية الروسية، مطلع حزيران الجاري، أنها ستبدأ أعمال التنقيب أواخر العام الحالي في عدة مواقع داخل إقليم كردستان، في اطار توسيع اعمال واستثمارات الشركة في الاقليم.
ونقلت وكالة ‹تاس› الروسية للأنباء عن إيغور سيتشن، الرئيس التنفيذي لشركة روسنفت قوله، إن شركة النفط العملاقة تعتزم بدء التنقيب في إقليم كردستان خلال عام 2019.
وقال المدير التنفيذي ايجور سيتشن في بيان إن “روسنفت ستحصل على الخام من اقليم كردستان لصالح نظام التكرير المتنامي بالشركة التي تمتلك نظاما ضخما للتكرير في ألمانيا بأوروبا”.
وتتطلع روسنفت الى التعاون مع كردستان في انشطة المنبع والانشطة اللوجستية، بحسب ما ذكر في البيان.
وكانت الشركة، والتي تعد أكبر منتج للنفط في روسيا، قد أعلنت في تموز من العام الماضي البدء بالتخطيط لإطلاق مشروعات بترولية في إقليم كردستان بحلول نهاية عام 2018. وقال ممثل الشركة حينها، إن «وفد روسنفت بحث في لقاء مع سلطات الإقليم في محافظة دهوك، الخطوات اللازمة للبدء بتنفيذ اتفاق وقع بين الطرفين في تشرين الأول عام 2017″، متوقعا بدء تنفيذ المشاريع قبل نهاية العام الجاري.
واتفق عملاق النفط الروسي مع حكومة كوردستان، على البدء بعمليات التنقيب الجيولوجي في خمسة مواقع في الإقليم، وفي حال تحقيق نجاح فإن إنتاجها سيبدأ عام 2021. بحسب موقع (k24) الكردي.
وستدفع ‹روسنفت›، مبلغ 400 مليون دولار للاستثمار في المواقع النفطية الخمسة، على أن تسدد نصف المبلغ من إنتاج هذه الحقول.ويبلغ حجم حصة الشركة الروسية، بحسب اتفاقية تقاسم الإنتاج ما يقارب 80%.
ووفقا لتقديرات أولية، فإن حجم الاحتياطي النفطي للمواقع يبلغ نحو 670 مليون برميل.
يذكر أن شركة روسنفت الروسية تعتبر أول شركة نفط كبرى تبرم اتفاق تمويل مسبق لابتياع صادرات النفط الخام من اقليم كردستان بعد ان خاضت سباقا في سبيل ذلك.

شركات روسية أخرى
ولا تقتصر استثمارات روسيا في مجال النفط بإقليم كردستان على شركة روسنفت فهناك أيضاً شركة “غازبروم” التي تعمل بثلاثة مشاريع في إقليم كردستان هي حلبجة وشاكال وكرميان.
وبحسب بيان حكومي فإن غاز بروم كانت الشركة الوحيدة على المستوى الدولي ‏والتي ظلت أنشطتها مستمرة في كردستان خلال الأزمة الاقتصادية التي مر بها الإقليم حيث تعهدت الحكومة بدعم عملها من اجل توسيع رقعة نشاطاتها في الإقليم من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الجانب الروسي وتنفيذ مشاريع في مجال الزراعة والسياحة.
من جهته يرى الخبير الاقتصادي آسان سمير أن سيطرة جهات بعينها على الثروات الطبيعية في الإقليم يمثل خطراً سياسياً محتملاً في ظل المتغيرات والتجاذبات والنزاعات التي تشهدها المنطقة المحيطة بإقليم كردستان.

تحذيرات من صراع الاقطاب
ويقول سمير: إن “الشركات النفطية العملاقة التي تقف خلفها دول بعينها لها مواقف سياسية تمثل مواقف دولها تفرّضها انطلاقاً من مبدأ (قوة الاقتصاد تتحكم بالسياسة)، لذلك فإن هيمنة شركات معينة على الاستثمار في الثروات النفطية الكردستانية سيكون له تداعيات خطيرة على القرار السياسي الكردي الذي لا سمح الله سيكون رهينة التجاذبات السياسية بين القوى العالمية التي تحاول فرض هيمنتها المطلقة على المنطقة المحيطة بإقليم كردستان وكسب التأييد من جهات محايدة مثل كردستان الذي تتمتع حكومته بعلاقات طيبة مع معظم دول الجوار”.
ويدعو سمير حكومة إقليم كردستان الى “التروي في إبرام الصفقات الكبيرة مع شركات بعينها وتنويع تلك الاتفاقيات وفسح المجال لدول ليس لها علاقة مباشرة بالحروب والصراعات المندلعة بين المعسكرين الشرقي والغربي ليكون اقتصاد كردستان بمأمن من التقلبات السياسية المتمثلة في التجاذبات بين الولايات المتحدة ودول الخليج من جهة، وروسيا وإيران والصين من جهة أخرى، خاصة وأن كل معسكر يحاول كسب تأييد كردستان والعراق بشكل كامل واتخاذ موقف مناوئ لخصمه الأمر الذي لن يصب في مصلحة كردستان لا سياسياً ولا اقتصادياً”.
ويضيف أنه “من حق مواطني كردستان أن يروا ثرواتهم وهي تستثمر بالشكل الصحيح وهم يجنون ثمارها بطريقة تنعكس إيجابياً على ظروفهم المعيشية وحياتهم اليومية من تعليم وخدمات صحية وفرص عمل وما إلى ذلك بعد أن عانوا لعقود طويلة من القمع والاستبداد وذاقوا ويلات الحروب الإقليمية والصراعات الداخلية التي زادت من فقرهم وتعاستهم، إلا أن تلك الشركات الاستثمارية لن تنظر سوى إلى مصالحها وتحقيق أرباحها ولن تكترث بالمواطن وأحلامه وتطلعاته خاصة وأن معظم الاتفاقيات النفطية التي أبرمتها حكومة الإقليم جعلت من الشركات الأجنبية فوق القانون العراقي ولا يمكن محاسبتها في حال ثبوت تقصيرها أو في حال نقضها لما هو متفق عليه”.
ت: س ن
نقلاً عن: صباح كوردستان 18/6/2019