2024-11-28

الذكرى الـ 32 على جريمة الابادة حلبجة تتذكر قصفها بالسلاح الكيميائي

حلبجة 1

الأهالي ريبورت/ احمد المصالحة
تمر في 16 من اذار الذكرى الـ 32 لقصف نظام حزب البعث لمدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية والتي خلفت بحسب مصادر كردية خمسة آلاف قتيل وآلاف الجرحى الذين يعانون الى يوما هذا، في وقت يتذكر شهود عيان بألم تفاصيل الجريمة ويدعون لأخذ العبر منها.
عبد الله فتاح (57 عاما) احد شهود العيان أورد بعض تفاصيل ما شاهده في ذلك اليوم :”رأيت من قريتي المجاورة لمدينة حلبجة، الطائرات الحربية وهي تقصف المدينة بالأسلحة التي تبين لاحقا انها كيميائية كان ذلك في آذار عام 1988″.
عندما دخل فتاح مركز المدينة؛ شاهد بعينه ما خلفته تلك الأسلحة وذلك القصف من ضحايا والذي اعتبرته جهات دولية ومؤسسات حقوقية عالمية “جريمة حرب” ارتكبها نظام حزب البعث رغم كون تلك الأسلحة محظورة دوليا.
يقول لـ(الصباح كوردستان) “عند انتهاء القصف استطعت الدخول الى المدينة بقصد تقديم المساعد، هناك رايت بعض الناجين الذين تحدثوا عن رائحة غريبة قتلت الأهالي، ورأيت جثث القتلى متناثرة في أزقة المدينة دون ظهور علامات اصابات بجروح عليهم”.
مشاهد زرعت في ذاكرة فتاح ولن ينساها ابدا حسب ما يقول، عوائل كاملة من أطفال ونساء ورجال كانت بين القتلى، ومن ضمنهم والده وعائلة أبن عمته التي تتكون من تسعة أشخاص.
يتحدث فتاح عن تفاصيل الهجوم، قائلا ان “الهجوم قام به نظام صدام حسين بواسطة الطائرات المقاتلة التي شنت عشرة غارات جوية على المدنيين في المدينة، ثلاث منها استخدمت الاسلحة الكيمائية بينما البقية استخدمت القنابل التقليدية”.
يضيف وهو يشير الى قبور آلاف الضحايا الذين دفنوا في موقع خاص يمتد على مساحة واسعة “كانت جريمة ابادة ضد مدنيين لا علاقة لهم بالحرب، وقد كشفت لكل العالم مدى وحشية صدام ونظامه”.
فتاح طالب بتعويض مدينة حلبجة وايلاء اهتمام أكبر بها من قبل الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، وتطوير البنى التحتية وتوسيع الشوارع وأنشاء مجمعات سكنية جديدة فيها.
وتقع حلبجة بالقرب من الحدود العراقية الايرانية، وتمت مهاجمتها من قبل قوات نظام صدام حسين في 16/3/ 1988 بأسلحة تقليدية واخرى كيميائية (غاز الخردل) و (غاز الأعصاب السيانيد) خلال فترة الحرب مع ايران وأثناء محاولة قوات ايرانية السيطرة عليها.

ارقام الضحايا
وحسب مجلس النواب العراقي أدت عمليات قصف حلبجة الى مقتل أكثر من (خمسة ألاف) شخص بينهم عدد كبير من النساء والأطفال والشيوخ، حيث تعرض المدنيون لقصف متعمد. كما بلغ عدد المصابين في قصف المدنية وحدها عشرة الاف مصاب. وأدى القصف الى تدمير مظاهر الحياة في المدينة والتأثير السلبي الخطير على بيئتها والذي امتد لسنوات.
وهذا الفعل يتعارض مع إلتزامات العراق بالمعاهدات والإتفاقيات الدولية خاصة اتفاقية الأمم المتحدة بشأن (منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها) لعام 1948 والتي أنضم العراق اليها في عام 1959.
هيوا عبد الله سعيد (52 عاما)؛ يروي ما تبقى في ذاكرته عن ذلك الهجوم بقوله لـ”صباح كوردستان” أن الهجوم شن قبيل موعد أذان الظهر، فقام هو مع عائلته وبعض سكان المدينة بالهروب إلى الجبال المحيطة بها والتي انقذتهم من الموت لأن الغازات كانت تستقر في المناطق المنخفضة”.
ويضيف:”من لم يستطع الهروب في تلك الساعة فارقوا الحياة نتيجة تأثير الأسلحة الكيميائية على جهازهم التنفسي وعلى أجسادهم”.
بعد تعرض المدينة للهجوم، لم تشهد تقديم اي نوع من المساعدات الطبية او الانسانية لمن تبقى من سكانها، وهو مازاد من سوء اوضاعهم الصحية وادى الى موت المئات لاحقا، حسب قول سعيد، الذي تمنى أن “يعم السلام والأمان ولا تتكرر الحروب التي لا تجلب الا الدمار والقتل، وأن تكون هذه الواقعة عبرة للأجيال القادمة”.

نصب الضحايا
في مركز مدينة حلبجة، اقيم نصب تذكاري كبير يخلد ضحايا الهجوم الكارثي، يضم النصب من الداخل قاعة كبيرة مستديرة في الوسط علقت على جدرانها أسماء آلاف الضحايا الذين سقطوا في الهجوم.
وتتوسط القاعة الداخلية طاولة يبلغ قطرها 3 أمتار وترمز للشهر الثالث من السنة وهو وقت وقوع الهجوم، ويرتفع المبنى من القعر إلى القمة مسافة 19 مترا و88 سنتمرا وهو ما يرمز إلى عام 1988.
ويتألف النصب الذي يعتبر احد معالم حلبجة اليوم، ويمثل شاهدا على الجريمة من 16 عمودًا يعكس يوم 16 من شهر آذار.
عبدالله صابر (62 عاما) يعلق على الحادثة بقوله ان قصف حلبجة جريمة نكراء لكن يجب اخذ العبرة منها، ويسأل اين منفذو الجريمة؟ ويجيب: لقد تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، هذه هي نهاية من يرتكبون الجرائم بحق شعوبهم.
وقدم امام المحكمة العراقية الخاصة بجرائم الحرب، رئيس النظام السابق صدام حسين وابن عمه علي حسن المجيد الذي قاد قوات الجيش العراقي في شمال العراق في نهاية فترة الثمانينات من القرن الماضي حين وقعت الجريمة مما أكسبه لقب “علي كيماوي”، وحكم عليه بالاعدام بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أحداث حلبجة.
وقضت محكمة عراقية بإعدام علي حسن عبد المجيد نظرا لضلوعه في تنفيذ المجزرة، وتم تنفيذ الحكم في عام 2010، ولم يتم ادانة صدام حسين في هذه القضية، حيث أن رئيس النظام السابق كان قد اعدم شنقا في كانون الاول 2006 بعد أن حكم عليه بالإعدام استناداً إلى الجريمة التي وقعت في مذبحة الدجيل في عام 1982.
(أ م)