2024-11-28

أحزان أفروديت

احزان افروديت

آفا نعمان/ دهوك

أفروديت تلك السجينة الهاربة
غَزَلَتْ الخيوطَ البُنية
حولَ قاروراتِ الُزجاجْ،
تلك المحتضنة باقة ورودٍ بنفسجية
أشعلتْ الشموعَ على حافة النهر القريب
سَكَبَت الشرابَ في كؤوسٍ فضية
ثم اشترت قلم حمرة من بائعٍ متجول
هي تصلح ثيابي و ترتديها

أفروديت، تلك الجميلة
عيونها كسردابِ حُزني ماضيةٌ تبحثُ عن مُريدين
بصمت معبودة تجتاحني
في ليل ظلامهُ كوهجِ الصباح المضيء
فيصحو الكافايينُ المكنونُ في صدري منذ الأزل
ليداعبَ وحشة الصمت التي أكلت وجهي

ترمي أفروديت أحجارا بابلية عتيقة
على المنضدة التي كنت أكتب عليها أحزاني هذا المساء
تلك الأحزان المبعوثةُ كنبيٍ يبكي كالوليد البكرِ
على سفحِ ذاكرتي
أفروديت تلك المقامرة

وجهها مذبوحٌ، ضائعٌ على الخريطة
عساكرُ الأغريقِ يبحثون عنها في لون شفاهي
في دفترِ ملاحظاتي
في وجهي المبتورِ على الحائط

أفروديت دخيلةٌ تريد النومَ في سريري
أطرُدُها من على طِلاءِ أظافري
أغسلُ قُمصاني التي ارتدتها في هذه الليلةِ الحمقاء
و هي غير عابئةٍ، تجوب المنازل الرمادية
بين خصلاتِ شعري
و تحرضها لانقلاب عسكري
كالسحر و الموسيقى تحتويني
شعرها الطويلُ يُغطي أقدامي
وتَخلقُ لي هالةً من عِطرِها
وميضٌ ملائكيٌ يبيحُ العشقَ
ويدفعُ الجزيةَ لبعضِ ذكرياتي

يا ربة العشق الأزلي
هل أطوفُ بكِ المدينة التي تسكن داخلي!
كالطفلة تخافُ هجراني
وبيوتها مبعثرة في جيوبي
مثلكِ أنت وحيدة
كأنكما سَليلاتُ الزمنْ
خرجتُما من جدائلي الطفولية
تقطفانِ معا النرجسَ في خفقاتِ صدري
تَدُسانِ سوية الهجرانَ في حُنجُرتي
تساعدكِ على لبسِ أحذيتي
فتذهبين بها الى أماكنَ تشتاقُ لي
وثيابي على جسَدكِ
تبدو مزيجا من الشعر وبقايا النرجس الجافة

أنت منهكة تمشطينَ شعركِ بمشطي
تنتحلينَ جسدي
وتوقعينَ بأسمي
ما أنتِ الا صوفيةٌ ترتجفينَ بردا على مَسْبَحَتي المُتناثرة
تحاولين أن تكوني أنا
.. الهةٌ هاربة من الزمن
هُدِمَتْ معابدُها
وهَجَرَها المتصوفونَ في العشق
تبحثين عن أنثى تحمل عنكِ أحزانكِ
تحتفظ برسائلكِ القديمة
وأنا لم أعد أتحملُ الغرباء وظلهم
وأقرأ رسائلهم المُبهَمة
لم أعد أستقبل الزوار النادمين
وأقرأ خارطة أقدارهم
وأعُدُ لهم فناجين بيضاءَ صغيرة للقهوة
وأودعهم
لم يعُد قلبي ملجأً للمتسكعين
وعُشا لبقايا أحزانِ نساءِ القًبيلة.